(ليالي اللهو تطبيني فأتبعه * كأنني ضارب في غمرة لعب) هو لذي الرمة في سورة المؤمنون عند قوله تعالى (فذرهم في غمرتهم حتى حين) أي في جهالتهم، شبهها بالماء الذي يغمر القامة لأنهم مغمورون فيها أو لاعبون بها، وقرئ في غمراتهم، يقال طبي فلانا يطبيه عن رأيه وأمره:
أي يصرفه، وكل شئ صرف شيئا عن شئ فقد طباه يطبيه. والضارب: السابح. والغمرة: الماء الذي يغمر القامة. يقول: تصرفني ليالي اللهو عن رأيي فأتبعه كأنني سابح في غمرة من الماء لعب فيه. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة المعارج عند قوله تعالى (تدعو من أدبر وتولى) حيث كان تدعو مجازا عن إحضارهم كأنها تدعوهم فتحضرهم، ونحوه قول ذي الرمة: تدعو أنفه الريب.
(ولست بمفراح إذا الدهر سرنى * ولا جازع من صرفه المتقلب) في سورة القصص عند قوله تعالى (إذ قال له قومه لا تفرح كقوله - ولا تفرحوا بما آتاكم - وكقول القائل: ولست بمفراح الخ. وذلك أنه لا يفرح بالدنيا إلا من رضى بها واطمأن إليها، وأما من طلبه الآخرة ويعلم أنه مفارق ما فيه عن قريب لم تحدثه نفسه بالفرح، وما أحسن قول أبى الطيب:
أشد الغم عندي في سرور * تيقن عنه صاحبه انتقالا يقول: السرور الذي يتيقن صاحبه الانتقال عنه هو أشد الغم لأنه يراعى وقت زواله فلا يطيب له ذلك السرور.
(أقلى اللوم عاذل والعتايا * وقولي إن أصبت لقد أصابا) في سورة الأحزاب عند قوله تعالى (وتظنون بالله الظنونا) حيث قرئ الظنون بغير ألف في الوصل والوقف وهو القياس، وبزيادة ألف في الوقف زادها في الفاصلة كما زادها في القافية من قال: أقلى اللوم عاذل الخ.
وكذلك - الرسولا، والسبيلا - فقوله عاذل يعنى يا عاذلة أقلى ملامي وعتابي وقولي إن فعلت حسنا أو صوابا لقد أصاب فلان في قوله وفعله، والبيت من قصيدة لجرير تزيد على مائة وعشرين بيتا، وبعد البيت:
أذا غضبت على بنو تميم * وجدت الناس كلهم غضابا (كأنما الوابل في مصابه * أسنمة الآبال في سحابه) أوله * أقبل في المستن من ربابه * في سورة الأحزاب عند قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات) النكاح الوطء، وتسمية العقد نكاحا لملابسته له من حيث إنه طريق إليه وتسمية الشئ باسم سببه من المجاز المرسل أمر شائع مستفيض، ومنه قول الحق - وكلمته - لأن عيسى لم يولد إلا بكلمة الله وحدها وهى قوله: (كن) من غير واسطة أب تسمية للمسبب باسم السبب، كما سمى الغيث بالسماء في قوله:
إذا نزل السماء بأرض قوم * رعيناه وإن كانوا غضابا والحشم بالندى في قوله: كثور العداب الفرد يضربه الندى * تعلى الندى في متنه وتحدرا
Shafi 339