ومثل ذلك قوله تعالى (والله ورسوله أحق أن يرضوه) ولم يقل يرضوهما: أي الله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك، وقوله (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها) وقد استشهد بالبيت في سورة التوبة عند قوله تعالى (ولا ينفقونها في سبيل الله) ذهابا بالضمير إلى المعنى دون اللفظ لأن كل واحد منهما جملة وافية وعدة كثيرة دنانير ودراهم فهو كقوله (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) وقيل ذهب إلى الكنوز، وقيل إلى الأموال، وقيل ولا ينفقونها الذهب كما في البيت. وقد استشهد بالبيت المذكور عند قوله تعالى في سورة الإسراء (أو تأتى بالله والملائكة قبيلا) أي مقابلا كالعشير والمعاشر وهو حال من الجلالة وحال الملائكة محذوفة لدلالتها عليها كما حذف الخبر في قوله * فإني وقيار بها لغريب * ينشد برفع قيار ونصبه، لأنك إذا عطفت على اسم إن كان لك في المعطوف الرفع والنصب على المحل واللفظ. وقد استشهد بالبيت المذكور في غير موضع من الآيات الكريمة.
(أمت سجاح ووافاها مسيلمة * كذابة من بنى الدنيا وكذاب) عند قوله تعالى (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر) قال في الكشاف: كان أهل الردة إحدى عشرة فرقة: ثلاث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. بنو مدلج ورئيسهم ذو الحمار كان له حمار يقول له قف فيقف وسر فيسير، وكان يبنى بعض الأمور على الحمار وكانت النساء يتعطرن بروث حماره، وقيل يعقدن روثه بخمرهن فسمى ذا الحمار، وهو الأسود العنسي، وكان كاهنا تنبأ باليمن، واستولى على بلاده وأخرج عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل وإلى سادات اليمن، فأهلكه الله تعالى على يد فيروز الديلمي تتبعه فقتله، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله ليلة قتل، فسر المسلمون وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد وأتى خبره آخر ربيع الأول. وبنو حنيفة ورئيسهم مسيلمة الكذاب، تنبأ وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله; أما بعد: فإن الأرض نصفها لي ونصفها لك. فأجابه: من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب; أما بعد: فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، فحاربه أبو بكر رضي الله عنه بجنوده المسلمين وقتل على يدي وحشى قاتل حمزة وكان يقول: قتلت خير الناس في الجاهلية وشر الناس في الإسلام، أراد في جاهليتي وإسلامي. وبنو أسد:
قوم طليحة بن خويلد، تنبأ فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خالدا فانهزم بعد القتال إلى الشأم ثم أسلم وحسن إسلامه. وسبع في عهد أبى بكر رضي الله عنه: فزارة قوم عيينة بن حصن، وغطفان قوم قرة بن سلمة العنزي. وبنو سليم قوم الفجاءة بن عبد يا ليل، وبنو يربوع قوم مالك بن نويرة، وبعض تميم قوم سجاح بنت المنذر المتنبئة التي زوجت نفسها مسيلمة الكذاب وفيها يقول أبو العلاء المعرى في كتاب [استغفر واستغفري]:
أمت سجاح ووافاها مسيلمة * كذابة من الدنيا وكذاب وكندة قوم الأشعث بن قيس، وبنو بكر بن وائل بالبحرين قوم الحطم بن زيد، وكفى الله أمرهم على يد أبى بكر رضي الله عنه. وفرقة واحدة في عهد عمر رضي الله عنه: غسان قول جبلة بن الأيهم نصرته اللطمة وسيرته إلى بلاد الروم بعد إسلامه. وقوله: أمت سجاح يروى آمت بالمد وتخفيف الميم من الأيمة: أي صارت أيما، وأمت بالتشديد من الإمامة، والأيم: المرأة التي مات عنها زوجها، والرجل إذا لم يكن له امرأة أيم أيضا. وقيل في المثل الحرب مأيمة; أي يقتل فيها الرجال فتبقى النساء أيامى. ووافاها مسيلمة: أي وافقها وتزوجها; وأراد بها سجاح
Shafi 333