161

Tsaftace Shari'a

تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة

Bincike

عبد الوهاب عبد اللطيف وعبد الله محمد الصديق الغماري

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1399 AH

Inda aka buga

بيروت

مُتَلأْلِئٌ نُورًا وَمُتَأَجِّجٌ نَارًا، ثُمَّ حَارَ بَصَرِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ نُورَهُ يَتَلَوَّنُ عَلَى مَا بَيْنَ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ وَالْبَيَاضِ وَالْخُضْرَةِ، ثُمَّ اخْتَلَطَتْ وَالْتَبَسَتْ جَمِيعًا حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ أَظْلَمَ مِنْ شِدَّةِ وَهَجِهِ وَشُعَاعِ تَلأْلُؤِهِ وَإِضَاءَةِ نُورِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى جِبْرِيلَ فَعَرَفَ مَا بِي فَأَنْشَأَ يَدْعُو لِي الثَّانِيَةَ بِنَحْوٍ مِنْ دُعَائِهِ الأَوَّلِ، فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَرِي بِرَحْمَتِهِ وَحَدَّدَهُ لِرُؤْيَةِ ذَلِكَ النُّورِ، وَأَيَّدَنِي بِقُوَّتِهِ حَتَّى تَثَبَّتُّ وَقُمْتُ لَهُ وَهَوَّنَ ذَلِكَ عَلَيَّ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ حَتَّى جَعَلْتُ أُقَلِّبُ بَصَرِي فِي أَدْنَى نور ذَلِك الْبَحْر فادا فِيهِ مَلائِكَةٌ قِيَامٌ صَفًّا وَاحِدًا مُتَرَاصِّينَ كُلُّهُمْ، مُتَصَافِّينَ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ قَدْ أَحَاطُوا بِالْعَرْشِ وَاسْتَدَارُوا حَوْلَهُ فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِمْ وَرَأَيْتُ عَجَائِبَ خَلْقِهِمْ كَأَنِّي أُنْسِيتُ كُلَّ شئ كَانَ قَبْلَهُمْ مِمَّا رَأَيْتُ مِنَ الْمَلائِكَةِ وَمِمَّا وَصَفْتُ لَكُمْ قَبْلَهُمْ لِعَجَبِ خَلْقِ أُولَئِكَ الْمَلائِكَةِ وَقَدْ نُهِيتُ أَنْ أَصِفَهُمْ لَكُمْ، وَلَوْ كَانَ أُذِنَ لِي فِي ذَلِكَ فَجَهِدْتُ أَنْ أَصِفَهُمْ لَكُمْ لَمْ أَطِقْ ذَلِكَ، وَلَمْ أُبَلِّغْ جُزْءًا وَاحِدًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلاقِ الْعَظِيمِ الْعَلِيِّ شَأْنُهُ، فَإِذَا هُمْ قَدْ أَحَاطُوا بِالْعَرْشِ وَغَضُّوا أَبْصَارَهُمْ دُونَهُ لَهُمْ دَوِيٌّ بِالتَّسْبِيحِ كَأَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ وَالْجِبَالَ الرَّوَاسِيَ يَتَضَامُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، بَلْ هُمْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْجَبُ فَوْقَ وَصْفِ الْوَاصِفِينَ فَأَصْغَيْتُ إِلَى تَسْبِيحِهِمْ كَيْ أَفْهَمَهُ فَإِذَا هُمْ يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ذُو الْعَرْشِ الْكَرِيمِ، لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ، لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، فَإِذَا فَتَحُوا أَفْوَاهَهُمْ بِالتَّسْبِيحِ لِلَّهِ خَرَجَ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ نُورٌ سَاطِعٌ كَأَنَّهُ لَهَبَانُ النَّارِ، لَوْلا أَنَّهَا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تُحِيطُ بِنُورِ الْعَرْشِ لَظَنَنْتُ يَقِينًا أَنَّ نُورَ أَفْوَاهِهِمْ كَانَ يَحْرِقُ مَا دُونَهُمْ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ كُلِّهِمْ، فَلَوْ أَمَرَ اللَّهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَنَّهُ يَلْتَقِمُ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرَضِينَ السَّبْعَ وَمَنْ فِيهِنَّ مِنَ الْخَلائِقِ بِلُقْمَةٍ وَاحِدَةٍ لَفَعَلَ ذَلِكَ وَلَهَانَ عَلَيْهِ، لِمَا شَرَّفَهُمْ وَعَظَّمَهُمْ مِنْ خَلْقِهِمْ، وَمَا يوصفون بشئ أَعْجَبَ إِلا وَجَاءَ أَمْرُهُمْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلاءِ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ الْقَهَّارِ فَوْقَ عِبَادِهِ يَا مُحَمَّدُ مَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَ مَنْ هَؤُلاءِ أَرَأَيْتَ أَهْلَ السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى هَؤُلاءِ وَمَا رَأَيْتَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَلَمْ تَرَ أَعْظَمَ وَأَعْجَبَ فَهُمُ الْكُرُوبِيُّونَ أَصْنَافٌ شَتَّى وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَلالِهِ وَتَقَدَّسَ فِي أَفْعَالِهِ مَا تَرَى وَفَضَّلَهُمْ فِي مَكَانِهِمْ وَخَلْقِهِمْ وَجَعَلَهُمْ فِي دَرَجَاتِهِمْ وَصَوَّرَهُمْ وَنَوَّرَهُمْ كَمَا رَأَيْتَ وَمَا لَمْ تَرَ أَكْثَرَ وَأَعْجَبَ فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى مَا رَأَيْتُ مِنْ شَأْنِهِمْ ثُمَّ جَاوَزْنَاهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى مُتَصَعِّدِينَ فِي جَوِّ عِلِّيِّينَ أَسْرَعَ مِنَ السَّهْمِ وَالرِّيحِ، بِإِذْنِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ حَتَّى وَصَلَ بِي إِلَى عَرْشِ ذِي الْعِزَّةِ الْعَزِيزِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَى الْعَرْشِ فَإِذَا مَا رَأَيْتُهُ مِنَ الْخَلْقِ كُلِّهِ قَدْ تَصَاغَرَ ذِكْرُهُ وَتَهَاوَنَ أَمْرُهُ وَاتَّضَعَ خَطَرُهُ عِنْدَ الْعَرْشِ، وَإِذَا السَّمَوَاتُ السَّبع

1 / 163