Tanzih Alkur'ani
تنزيه القرآن عن المطاعن
Nau'ikan
وربما قيل في قوله تعالى (خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها) أليس ظاهر ذلك أنه خلق زوجها بعد أن خلقنا فكيف يصح ذلك؟ وجوابنا أن ثم قد تدخل في خبر مستأنف فلا يوجب الترتيب في نفس المخبر عنه كقوله الرجل لغيره قد عجبت مما فعلت اليوم ثم ما صنعته أمس أعجب وقوله من بعد (وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) المراد به من كل جنس زوجين ذكرا وأنثى فهي وإن كانت أربعة أجناس إذا قدر فيها ما ذكرنا صارت ثمانية وقوله تعالى من بعد (إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر) يدل على أنه إنما يكلفنا لمنافعنا وحاجتنا ويدل على انه تعالى لا يريد المعاصي لان الرضا يرجع في المعنى الى الارادة فلو كان مريدا للكفر كما قاله القوم لوجب اذا وقع ان يكون راضيا به لأن المريد لا يصح أن يريد من غيره أمرا فيقع ذلك الامر على ما أراده إلا ويجب أن يكون راضيا به وقوله تعالى من قبل (لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء) ذكره تعالى لا على وجه أن ذلك مما يصح ان يراد لكن على وجه الاحالة بين به ان القادر على أن يخلق ما يشاء لا يجوز أن يتخذ ولدا فعلى هذا الوجه ذكر ذلك وقوله تعالى (وأنزل لكم من الأنعام) ربما سألوا فيه وقالوا كيف أنزلها؟
وجوابنا أنه تعالى خلقها في السماء ثم انزلها إلى الأرض كما خلق آدم في السماء ثم اهبطه إلى الأرض.
[مسألة]
وربما قيل ما معنى قوله (يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق) والمعلوم انه خلق واحد. وجوابنا ان المراد خلق ما تتغير به النطفة فتكون علقة الى ان يستقر الخلق التام فهذا هو المراد وقوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) يدل على ان احدا لا يؤخذ بذنب غيره فيبطل بذلك قولهم ان الطفل يعذب بكفر ابيه.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين) كيف يصح ان يكون أول المسلمين وقد تقدمه من المسلمين ما لا يحصى عدده؟
وجوابنا ان المراد وأمرت أن اكون أول المسلمين من قومي وذلك معقول من الكلام وفي قوله تعالى (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا) دلالة على ان الاعمال لا يستحق بها الثواب الا على هذا الوجه وقوله (قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) يدل على ان النبوة لا تمنع من هذا الخوف فكيف يمنع منه ان يكون المرء من أولاد الانبياء كما يقوله بعض العامة من الامامية حتى يزعمون أن من ولد من فاطمة عليها السلام قد حرم الله تعالى النار عليه وقوله تعالى من بعد (فاعبدوا ما شئتم من دونه) هو على وجه الزجر والتهديد لا انه أمر في الحقيقة وقوله تعالى من بعد (أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار) يدل على ان الوعيد الوارد عن الله تعالى واجب لا يجوز خلافه واذا لم يجز أن ينقذ الرسول من النار فكيف يصح ما يقوله القوم من انه صلى الله عليه وسلم بشفاعته يخرج الكثير من أهل النار؟
Shafi 362