Tanzih Alkur'ani
تنزيه القرآن عن المطاعن
Nau'ikan
وربما قيل في قوله تعالى (ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) كيف يصح ان يعزل عن النبوة ويصير على كرسيه بعض الشياطين على ما يروى في ذلك؟ وجوابنا ان الذي يروى في ذلك كذب عظيم والصحيح ما روي من أنه تفكر في كثرة نسائه ومماليكه فقال وقد آتاه الله من القوة إني لأطؤهن في ليلة واحدة فيحملن ويحصل لي من الاولاد العدد الكثير ففعل ولم تحبل الا واحدة وألقت جسدا غير كامل الخلقة فحمل ذلك الجسد الى كرسيه فنبهه عنده على ان الذي فعله من التمني كالذنب وانه قد كان من حقه ان ينقطع إلى الله تعالى فيما يرزق من الأولاد قل أو كثر فأناب عند ذلك وتاب مما كان منه فأما أن يعزل ويؤخذ خاتم ملكه ويصير الى بعض الشياطين ويطأ ذلك الشيطان نساءه فذلك مما لا يجوز على الأنبياء وقد رفع الله قدرهم عن ذلك.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) كيف يصح من الانبياء أن يسألوا ذلك مع دلالته على الرغبة في الدنيا وعلى ما يجري مجرى المنافرة والحسد؟ وجوابنا انه لا يمتنع وهو نبي ان يرغب الى الله عز وجل فيما يظهر به فضله وكرامته عند الله وليس في ذلك ما يشبه الحسد المذموم لانه انما يكون حاسدا اذا أراد انتقال نعيم غيره اليه. فأما إذا أراد لنفسه أعظم المنازل من الله تعالى ابتدا مع إرادته بقاء سائر النعم على أهلها فلا وجه ينكر في ذلك ولذلك قال تعالى (فسخرنا له الريح) الى سائر ما ذكر مما يدل على انه أجابه وأظهر فضله بهذه الأمور التي اختص بها ثم ذكر تعالى من بعد قصة أيوب صلى الله عليه وسلم وانه سأل الله عز وجل كشف الضر عنه فأجابه الله الى ذلك وزاده فالذي يرويه الجهال في قصته من كيفية البلاء إلى غير ذلك لا يصح والذي يصح انه تعالى انزل به الأمراض والعلل والفقر والحاجة لما علم من المصلحة ثم أزال ذلك عنه بالنعم التي أفاضها عليه على ما نطق به الكتاب فأما قوله تعالى في قصة ايوب صلى الله عليه وسلم (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث) يدل على أنه يحسن الاحتيال في التخلص من الايمان وغيرها وقد ذكر ذلك الفقهاء في كتبهم.
Shafi 359