Tanzih Alkur'ani
تنزيه القرآن عن المطاعن
Nau'ikan
وربما قيل في قوله تعالى (خلق السماوات بغير عمد ترونها) كيف يصح مع ثقلها وعظمها أن تقف لا على عمد؟ وجوابنا أنه تعالى اذ اسكنها حالا بعد حال وقفت وان كانت ثقيلة كما أن أحدنا يمسك يده وقد بسطها فمن حيث يفعل فيها السكون حالا بعد حال تثبت ولذلك متى لم يسكنها سقطت لان أحدنا يغفل ويلهو والله سبحانه يتعالى عن ذلك واختلف المفسرون في ذلك فقال بعضهم الفائدة فيه نفي نفس العمد أصلا على ما ذكرنا وقال بعضهم الفائدة فيه انا لا نرى العمد والاول هو أقوى وهو داخل في الاعجوبة وقوله تعالى من قبل (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم) يدل على أن المضل هو الانسان وأنه مذموم ويدل على أن كل قول قيل بلا علم في الاديان فهو مذموم وقوله تعالى المتصلة من بعد (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) يدل على أن العشرة بأحوال الدنيا قد تحسن مع المباينة في الدين ثم بين أن من أناب الى الله يجب أن يتبع فقال (واتبع سبيل من أناب) الى قوله تعالى من بعد حاكيا عن لقمان (يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل) القصد فيه أن يتأمله المرء فيعمل به فان هذه الوصية جامعة للانقطاع الى الله تعالى بعد المعرفة بعلمه وقدرته لان قوله تعالى (إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير) يؤذن بأن ما أقدم المرء عليه دق أم جل فهو معلوم لله وتكون المجازاة بحسبه وذلك ردع عظيم وهي جامعة القيام بالعبادات وهو بقوله (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك) وهي أيضا جامعة للآداب وما ينبغي أن يتمسك به المرء من الاخلاق والتواضع وهو بقوله (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا) الى آخر الكلام وقوله من بعد (ومن الناس من يجادل في الله بغير علم) يدل على أن التمسك بالمذاهب إنما يحسن اذا كان عن علم وقوله (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير) مما لا مزيد عليه في بطلان التقليد لأنه تعالى بين أنهم اذا جاز أن يتركوا الدليل اتباعا لآبائهم من دون دلالة فقد جاز أن يرجعوا إلى اتباع الشيطان فيما يدعوهم اليه لأن ما في كلا الموضعين هو اعتماد على القول من دون دلالة وهذا هو الذي نعتمد عليه في بطلان التقليد ونقول إنه إذا جاز تقليد الآباء في الاسلام فيجوز تقليد أولاد النصارى لآبائهم لأن كل ذلك اعتماد على قبول القول من غير دلالة وقوله تعالى (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله) يدل على أن كلام الله مقدور له يحدث حالا بعد حال لا كما قاله قوم من أنه متكلم بذات أو بكلام قديم لا يصح فيه زيادة ولا نقصان.
[مسألة]
Shafi 326