Tanzihin Annabawa
تنزيه الأنبياء
الاستفهام والتقرير دون القطع ألا ترى إلى قوله أخرقتها لتغرق أهلها وإلى قوله أقتلت نفسا زكية بغير نفس ومعلوم أنه كان قصد بخرق السفينة إلى التغريق فقد أتى منكرا وكذلك إن كان قتل النفس على سبيل الظلم فأما قوله لا تؤاخذني بما نسيت فقد ذكر فيه وجوه ثلاثة أحدها أنه أراد النسيان المعروف وليس ذلك بعجب مع قصر المدة فإن الإنسان قد ينسى ما قرب زمانه لما يعرض له من شغل القلب وغير ذلك والوجه الثاني أنه أراد لا تأخذني بما تركت ويجري ذلك مجرى قوله تعالى ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي أي ترك
وقد روي هذا الوجه عن ابن عباس عن أبي بن كعب عن رسول الله (ص) قال له موسى (ع) لا تؤاخذني بما نسيت @HAD@ يقول مما تركت من عهدك
والوجه الثالث أنه أراد لا تؤاخذني بما فعلته مما يشبه النسيان فسماه نسيانا للمشابهة كما قال المؤذن لأخوة يوسف (ع) إنكم لسارقون أي إنكم تشبهون السراق وكما يتأول
الخبر الذي يرويه أبو هريرة عن النبي (ص) أنه قال : كذب إبراهيم (ع) ثلث كذبات في قوله سارة أختي وفي قوله بل فعله كبيرهم هذا @HAD@ وقوله إني سقيم
والمراد بذلك إن كان هذا الخبر صحيحا أنه فعل ما ظاهره الكذب وإذا حملنا هذه اللفظة على غير النسيان الحقيقي فلا سؤال فيها وإن حملناها على النسيان في الحقيقة كان الوجه فيها أن النبي (ع) إنما لا يجوز عليه النسيان فيما يؤديه عن الله تعالى أو في شرعه أو في أمر يقتضي التنفير عنه فأما فيما هو خارج عما ذكرناه فلا مانع من النسيان ألا ترى أنه إذا نسي أو سها في مأكله أو مشربه على وجه لا يستمر ولا يتصل فننسب إلى أنه مغفل فإن ذلك غير ممتنع وأما وصف النفس بأنها زكية فقد قلنا إن ذلك خرج مخرج الاستفهام لا على سبيل الإخبار وإذا كان استفهاما فلا سؤال
Shafi 84