Tanzihin Annabawa
تنزيه الأنبياء
وتوبوا إليه وهذان الحرفان قد يتداخلان فيقوم أحدهما مقام الآخر ورابعها أن يريد استغفروه قولا ونطقا ثم توبوا إليه لتكونوا بالتوبة فاعلين لما يسقط العقاب ولا تقتصروا على القول الذي لا يقطع على سقوط العقاب عنده وخامسها أنه خاطب المشركين بالله تعالى فقال لهم استغفروه من الشرك بمفارقته ثم توبوا إليه أي ارجعوا إلى الله بالطاعات وأفعال الخير لأن الانتفاع إليه بذلك لا يكون إلا بتقديم الاستغفار من الشرك ومفارقته والتائب والآئب والنائب والمنيب بمعنى واحد وسادسها ما أومأ إليه أبو علي الجبائي في تفسير هذه الآية لأنه قال أراد بقوله استغفروا ربكم ثم توبوا إليه أي أقيموا على التوبة إليه لأن التائب إلى الله تعالى من ذنوبه يجب أن يكون تائبا إلى الله في كل وقت يذكر فيه ذنوبه بعد توبته الأولى لأنه يجب أن يكون مقيما على الندم على ذلك وعلى العزم على أن لا يعود إلى مثله لأنه لو نقض هذا العزم لكان عازما على العود وذلك لا يجوز وكذلك لو نقض الندم لكان راضيا بالمعصية مسرورا بها وهذا لا يجوز وقد حكينا ألفاظه بأعيانها وحمله على هذا الوجه أنه أراد التكرار والتأكيد والأمر بالتوبة بعد التوبة كما يقول أحدنا لغيره اضرب زيدا ثم اضربه وافعل هذا ثم افعل وهذا الذي حكيناه عن أبي علي أولى مما ذكره في صدر هذه السورة لأنه قال هناك وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن معناه استغفروا ربكم من ذنوبكم السالفة ثم توبوا إليه بعد ذلك من كل ذنب يكون منكم أو معصية وهذا ليس بشيء لأنه إذا حمل الاستغفار المذكور في الآية على التوبة فلا معنى لتخصيصه بما سلف دون ما يأتي لأن التوبة من ذلك أجمع واجبة ولا معنى أيضا لتخصيص قوله ثم توبوا إليه بالمعاصي المستقبلة دون الماضية لأن الماضي والمستقبل مما يجب التوبة منه فالذي حكيناه أولا عنه أشفى وأولى مسألة
Shafi 65