Tanzihin Annabawa
تنزيه الأنبياء
يكون من الحسن والقبيح معا وليس ينكر أن يكون أمراض أيوب (ع) وأوجاعه ومحنته في جسمه ثم في أهله وماله بلغت مبلغا عظيما يزيد في الغم والألم على ما ينال المجذوم وليس ننكر تزايد الألم فيه (ع) وإنما ننكر ما اقتضى التنفير فإن قيل أفتقولون إن الغرض بما ابتلي به أيوب (ع) كان الثواب أو العوض أو هما على الاجتماع وهل يجوز أن يكون ما في هذه الآلام من المصلحة واللطف حاصلا في غيرها مما ليس بألم أم تمنعون من ذاك قلنا أما الآلام التي يفعلها الله تعالى لا على سبيل العقوبة فليس يجوز أن يكون غرضه عز وجل فيها العوض من حيث كان قادرا على أن يبتدئ بمثل العوض بل الغرض فيها المصلحة وما يؤدي إلى استحقاق الثواب فالعوض تابع والمصلحة أصل وإنما يخرج بالعوض من أن يكون ظلما وبالغرض من أن يكون عبثا فأما الألم إذا كانت فيه مصلحة ولطف وهناك في المعلوم ما يقوم مقامه فيهما إلا أنه ليس بألم إما بأن يكون لذة أو ليس بألم ولا لذة ففي الناس من ذهب إلى أن الألم لا يحسن في هذا الموضع وإنما يحسن بحيث لا يقوم مقامه ما ليس بألم في المصلحة والصحيح أنه حسن والله تعالى مخير في فعل أيهما شاء والدليل على صحة ما ذكرناه أنه لو قبح والحال هذه لم يخل أن يكون إنما قبح من حيث كان ظلما أو من حيث كان عبثا ومعلوم أنه ليس بظلم لأن العوض الزائد العظيم الذي يحصل منه يخرجه عن كونه ظلما وليس أيضا بعبث لأن العبث هو ما لا غرض فيه أو ما ليس فيه غرض مثله وهذا الألم فيه غرض عظيم جليل وهو الذي تقدم بيانه ولو كان هذا الغرض غير كاف فيه ولا يخرجه من البعث لما أخرجه من ذلك إذا لم يكن هناك ما يقوم مقامه وليس لهم أن يقولوا إنه إنما قبح وصار عبثا من حيث كان هناك ما يغني عنه لأن ذلك يؤدي إلى أن كل فعلين ألمين كانا أو لذتين أو ليسا بألمين ولا لذتين أو أفعال تساوت في وجه المصلحة بقبح كل واحد منهما لأن العلة التي
Shafi 62