Tanzihin Annabawa
تنزيه الأنبياء
والتوبيخ على اختيار المعاصي على الطاعات وأنهم ما آثروها إلا لاعتقادهم أن فيها خيرا ونفعا فقيل أذلك خير على ما تظنوه وتعتقدونه أم كذا وكذا وقد قال في قوله تعالى أذلك خير إنه إنما حسن لاشتراك الحالتين في باب المنزلة وإن لم يشتركا في الخير والنفع كما قال تعالى خير مستقرا وأحسن مقيلا ومثل هذا المعنى يتأتى في قوله رب السجن أحب إلي لأن الأمرين يعني المعصية ودخول السجن مشتركان في أن لكل منهما داعيا وعليه باعثا وإن لم يكن يشتركان في تناول المحبة فجعل اشتراكهما في دواعي المحبة اشتراكا في المحبة نفسها وأجري اللفظ على ذلك فإن قيل كيف يقول وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين وعندكم أن امتناع القبيح منه (ع) ليس بمشروط بارتفاع الكيد عنه بل هو ممتنع منه وإن وقع الكيد قلنا إنما أراد يوسف (ع) أنك متى لم تلطف بي لما تدعوني إلى مجانبة الفاحشة وتثبتني على تركها صبوت وهذا منه انقطاع إلى الله تعالى وتسليم لأمره وإنه لو لا معونته ولطفه ما نجا من الكيد والكلام وإن تعلق في الظاهر بالكيد نفسه فقال (ع) وإلا تصرف عني كيدهن فالمراد به إلا تصرف عني ضرر كيدهن لأنهن إنما جرين بالكيد إلى مساعدته لهن على المعصية فإذا عصم منها ولطف له في الانصراف عنها كان الكيد مصروفا عنه من حيث لم يقع ضرره وما أجرى به إليه ولهذا يقال لمن أجرى بكلامه إلى غرض لم يقع ما قلت شيئا ولمن فعل ما لا تأثير له ما فعلت شيئا وهذا بين بحمد الله تعالى مسألة فإن قيل كيف يجوز على يوسف (ع) وهو نبي مرسل أن يعول في إخراجه من السجن على غير الله تعالى ويتخذ سواه وكيلا في ذلك في قوله للذي كان معه اذكرني عند ربك حتى وردت الرواية أن سبب طول حبسه (ع) إنما كان لأنه
Shafi 55