Tanzihin Annabawa
تنزيه الأنبياء
ما يعير الناس من يعهدون منه القبائح المتقدمة بها وإن وقعت التوبة منها ويجعلون ذلك عيبا ونقصا وقادحا ومؤثرا وليس إذا كان تجويز الكبائر قبل النبوة منخفضا عن تجويزها في حال النبوة وناقصا عن رتبته في باب التنفير وجب أن لا يكون فيه شيء من التنفير لأن الشيئين قد يشتركان في التنفير وإن كان أحدهما أقوى من صاحبه ألا ترى أن كثير السخف والمجون والاستمرار عليهما والانهماك فيهما منفر لا محالة وأن القليل من السخف الذي لا يقع إلا في الأحيان والأوقات المتباعدة منفر أيضا وأن فارق الأول في قوة التنفير ولم يخرجه نقصانه في هذا الباب من الأول من أن يكون منفرا في نفسه فإن قيل فمن أين قلتم إن الصغائر لا تجوز على الأنبياء في حال النبوة وقبلها قلنا الطريقة في نفي الصغائر في الحالتين هي الطريقة في نفي الكبائر في الحالتين عند التأمل لأنا كما نعلم أن من يجوز كونه فاعلا لكبيرة متقدمة قد تاب منها وأقلع عنها ولم يبق معه شيء من استحقاق عقابها وذمها لا يكون سكوننا إليه كسكوننا إلى من لا يجوز عليه ذلك وكذلك نعلم أن من يجوز عليه الصغائر من الأنبياء (ع) أن يكون مقدما على القبائح مرتكبا للمعاصي في حال نبوته أو قبلها وإن وقعت مكفرة لا يكون سكوننا إليه كسكوننا إلى من نأمن منه كل القبائح ولا نجوز عليه فعل شيء منها فأما الاعتذار في تجويز الصغائر بأن العقاب والذم عنها ساقطان فليس بشيء لأنه لا معتبر في باب التنفير بالذم والعقاب حتى يكون التنفير واقعا عليهما ألا ترى أن كثيرا من المباحات منفر ولا ذم عليه ولا عقاب وكثيرا من الخلق والهيئات منفر وهو خارج عن باب الذم على أن هذا القول يوجب على قائله تجويز الكبائر عليهم قبل البعثة لأن التوبة والإقلاع أزال الذم والعقاب الذين يقف التنفير على هذا القول عليهما فإن قيل كيف تنفر الصغائر وإنما حظها تقليل الثواب وتنقيصه لأنها
Shafi 6