Tanzihin Annabawa
تنزيه الأنبياء
الله تعالى يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات فسمى المعمول فيه عملا ويقول القائل في الباب إنه عمل النجار وكذلك في الناسج والصائغ وهاهنا مواضع لا نستعمل فيها ما مع الفعل إلا والمراد بها الأجسام دون الأعراض التي هي فعلنا لأن القائل إذا قال أعجبني ما تأكل وما تشرب وما تلبس لم يجز حمله إلا على المأكول والمشروب والملبوس دون الأكل والشرب واللبس فصح أن لفظة ما فيما ذكرناه أشبه بأن تكون حقيقة وفيما ذكروه أشبه بأن تكون مجازا ولو لم يثبت فيها إلا أنها مشتركة في الأمرين وحقيقة فيهما لكان كافيا في إخراج الظاهر من أيديهم وإبطال ما تعلقوا به وليس لهم أن يقولوا كل موضع استعملت فيه لفظة ما مع الفعل وأريد بها المفعول فيه إنما علم بدليل والظاهر بخلافه وذلك أنه لا فرق بينهم في هذه الدعوى وبين من عكسها فادعى أن لفظة ما إذا استعملت مع الفعل وأريد بها المصدر دون المفعول فيه كانت محمولة على ذلك بالدليل وعلى سبيل المجاز والظاهر بخلافه على أن التعليل وتعلق الكلام الثاني بالأول على ما بيناه أيضا ظاهر فيجب أن يكون مراعى وقد بينا أيضا أنه متى حمل الكلام على ما ظنوه لم يكن الثاني معلقا بالأول ولا تعليلا فيه والظاهر يقتضي ذلك فقد صار فيما ادعوه عدول عن الظاهر الذي ذكرناه في معنى الآية ولو سلم ما ادعوه من الظاهر في معنى اللفظة معه لتعارضتا فكيف وقد بينا أنه غير سليم ولا صحيح وبعد فإن قوله وما تعملون لا يستقل بالفائدة بنفسه ولا بد من أن يقدر محذوف يرجع إلى ما التي هي بمعنى الذي وليس لهم أن يقدروا الهاء ليسلم ما ادعوه وليسوا بأولى منا إذا قدرنا لفظة فيه لأن كلا الأمرين محذوف وليس تقدير أحدهما بأولى من الآخر إلا بدليل هذا على أنا قد بينا أن مع تقدير الهاء يكون الكلام محتملا لما ذكرناه كاحتماله لما ذكروه ومع تقديرنا
Shafi 40