142

الخلاف يئول إلى الفساد ولا يقتضي مجاهرة ولا مظاهرة وهذه حال يعلمها الحاضر بالمشاهدة أو يغلب على ظنه فيها ما لا يعلمه الغائب ولا يظنه واستعمال القياس فيما يؤدي إلى الوحشة بين الناس ونفار بعضهم عن بعض لا يسوغ لأنا قد نجد كثيرا من الناس يستوحشون من أن يخالفوا في مذهب من المذاهب غاية الاستيحاش وإن لم يستوحشوا من الخلاف فيما هو أعظم منه وأجل موقعا ويغضبهم في هذا الباب الصغير ولا يغضبهم الكبير وهذا إنما يكون لعادات جرت وأسباب استحكمت ولاعتقادهم أن بعض الأمور وإن صغر في ظاهره فإنه يؤدي إلى العظائم والكبائر أو لاعتقادهم أن الخلاف في بعض الأشياء وإن كان في ظاهر الأمر كالخلاف في غيره لا يقع إلا من معاند منافس وإذا كان الأمر على ما ذكرناه لم ينكر أن يكون أمير المؤمنين (ع) إنما لم يظهر في جميع مذاهبه التي خالف فيها القوم إظهارا واحدا لأنه (ع) علم أو غلب في ظنه أن إظهار ذلك يؤدي من الضرر في الدين إلى ما لا يؤدي إليه إظهار ما أظهره وهذا واضح لمن تدبره وقد دخل في جملة ما ذكرناه الجواب عن قولهم لم لم يغير الأحكام ولم يظهر مذاهبه وما كان مخبوا في نفسه عند إفضاء الأمر إليه وحصول الخلافة في يده فإنه لا تقية على من هو أمير المؤمنين وإمام جميع المسلمين لأنا قد بينا أن الأمر ما أفضى إليه (ع) إلا بالاسم دون المعنى وقد كان (ع) معارضا منازعا مغصصا طول أيام ولايته إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته وكيف يأمن في ولايته الخلاف على المتقدمين عليه (ع) وجل من بايعه وجمهورهم شيعة أعدائه (ع) ومن يرى أنهم مضوا على أعدل الأمور وأفضلها وأن غاية من يأتي بعدهم أن يتبع آثارهم ويقتفي طرائقهم وما العجب من ترك أمير المؤمنين (ع) ما ترك من إظهار بعض مذاهبه التي كان الجمهور يخالفه فيها

Shafi 143