99

قوله تعالى : ( وإذ قال إبراهيم ) تنبيه لنبينا عليه السلام ليتهيأ لقبول الخطاب ، كما قدمنا في قصة زيد ، فكأنه يقول له : وقد أخبرك عن قول إبراهيم إذ طلب أن أريه كيف أحيي الموتى ، فأسعفته في ذلك وأريته الكيفية. فذكره تعالى إسباغ آلائه على أنبيائه وإسعافه لهم فيما يثلج به صدورهم مما غاب عنهم من بعض الجائزات في معلوماته تعالى.

وأما قولة إبراهيم عليه السلام : ( رب أرني كيف تحي الموتى ) وأنه طلب أن يريه تعالى مثلا محسوسا يطلعه على كيفية الجمع من أقاصي الأرض وبطون الحيوانات ، وكيفية سرعتها في الحركات عند الاجتماع ، ولأي أصل تجتمع ، وعلى أي وجه تتصور ، إذ الجواز بحر لا ساحل له.

وقد نبه عليه السلام على بعض هذه الكيفيات فقال (1): كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب فإنه منه خلق وفيه يركب.

ومعنى (خلق) هنا : (صور) لكون الشيء لا يخترع من الشيء ، وإنما يخترع لا من شيء. وأخبر عليه السلام أن عجب الذنب الذي هو وسط الجرم منه بدئ تركيبه في الرحم ، وإليه ترجع الأجزاء الزائلة عنه في نواحي الأرض إذا بعث.

وفي هذا الحديث دليل على أن أكل الأرض إنما هو عبارة عن تبدد الأجزاء في الجهات لا عدمها البتة (2).

Shafi 109