127

وهنا نكتة شريفة يجب الاعتبار بها في قصة مريم عليها السلام عند هز الجذع ، وهي معضودة بقصة أيوب عليه السلام في بركة ركضه ، وبركات بعض الأنبياء فيما لمسوه وركضوه وضربوه. وذلك أن معظم أهل الإشارة رحمهم الله أصفقوا (1) على أن مريم عليها السلام كان مقامها في الغرفة أعلى مما كان عند النخلة.

واستدلوا على ذلك بما جاء في الخبر عن الرزق الذي كان يجد عندها زكريا عليه السلام ، إذ كان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف ، وفاكهة الصيف في الشتاء. فكان يأتيها بلا سبب ، فلما نظرت إلى عيسى عليه السلام حين ولدته أحبته (2)، فأمرت بالكسب في هز النخلة لكونها رجعت من جمع إلى تفريق.

وقالوا في هذا وأطنبوا (3)، وأنشدوا الأبيات المشهورة على قافية الباء ، إلى غير ذلك. وهذه رحمهم الله وهلة منهم وغفلة عن الأولى والأحرى في حق تلك الصديقة.

وأول ما يعترض به عليهم أن يقال لهم : من أين يحكمون عليها أنها لما رأت الولد تفرقت بميل قلبها إليه؟.

وهذا لا يصح إلا بتوقيف ، والتوقيف في ذلك معدوم ، وبم تردون على من يدعي نقيض دعواكم؟ ويبرهن عن ذلك أن مريم عليها السلام ما كانت قط في مقام هو أعلى

وانظر مقدمة التحقيق.

Shafi 137