Tanzih al-Ashab ‘an Tanaqqus Abi Turab
تنزيه الأصحاب عن تنقص أبي تراب
Mai Buga Littafi
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Nau'ikan
وأما زعم أبي تراب أن ابن عمر ﵄ كان أعلم من أبيه لأنه حفظ ألفي حديث وستمائة وثلاثين وأن أبا هريرة غلب الجميع فله خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة أحاديث فجوابه أن يقال: لا شك أن ابن عمر ﵄ كان من علماء الصحابة وحفاظهم ولكنه مع ذلك لا يماثل أباه في العلم فضلا عن أن يكون أعلم منه. وكذلك أبو هريرة ﵁ فإنه وإن كان من علماء الصحابة وحفاظهم فليس أعلم من ابن عمر ﵄ فضلا عن أن يكون أعلم من عمر ﵁.
وقد تقدم من الأحاديث الدالة على غزارة علم عمر ﵁ ما يكفي في الرد على أبي تراب. وكذلك ما تقدم عن ابن مسعود وحذيفة وسعيد بن المسيب وعمرو بن ميمون وإبراهيم النخعي أنهم وصفوا عمر ﵁ بغزارة العلم ففيه أبلغ رد على أبي تراب.
وقد روى الدارمي في سننه عن عبد الله بن أبي يزيد قال: "كان ابن عباس ﵄ إذا سئل عن الأمر فكان في القرآن أخبر به وإن لم يكن في القرآن وكان عن رسول الله ﷺ أخبر به فإن لم يكن فعن أبي بكر وعمر فإن لم يكن قال فيه برأيه".
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في «منهاج السنة»: "وسعيد بن المسيب كان من أعلم التابعين باتفاق المسلمين وكان عمدة فقهه قضايا عمر وكان ابن عمر يسأله عنها" انتهى.
فهذا حبر الأمة عبد الله بن عباس ﵄ كان يفتي بقول أبي بكر وعمر ﵄ فيما لم يجده في الكتاب ولا في السنة. وفي هذا أوضح دليل على أنه لم يكن في الصحابة ﵃ من يماثل أبا بكر وعمر ﵄ في العلم فضلا عن أن يكون فيهم من هو أعلم منهما. ولو كان الأمر على ما زعمه أبو تراب من أن أبا هريرة ﵁ غلب الصحابة كلهم بعلمه وأن عليا ومعاذا وابن مسعود كانوا أفقه من عمر وأن ابن عمر كان أعلم من أبيه لكان ابن عباس ﵄ يأخذ بأقوال هؤلاء ويدع قول أبي بكر وعمر ﵄.
وفيما ذكره شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى عن سعيد بن المسيب الذي اتفق المسلمون على أنه من أعلم التابعين أن عمدة فقهه قضايا عمر وأن ابن عمر ﵄ كان يسأله عنها أبلغ رد على أبي تراب فيما زعمه من تفضيل ابن عمر ﵄ على أبيه في العلم.
31 / 67