Tanwir
التنوير شرح الجامع الصغير
Bincike
د. محمَّد إسحاق محمَّد إبراهيم
Mai Buga Littafi
مكتبة دار السلام
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
Inda aka buga
الرياض
Nau'ikan
الثواب العظيم، وعلى التقديرين فلا يرد أن الشرط والجزاء قد اتحدا، فإن قيل: كان مقتضى الظاهر فهجرته إليهما، إذ وضع الظاهر موضع المضمر خلاف الأصل، وأجيب: أنه وضع كذلك لوجهين: الاستلذاذ بإعادة ذكر الله ورسوله ﷺ، ولذا لم يعد ذكر الدنيا، والمرأة في الجملة الآتية، عبر عنهما بغيرهما، إذ لا التذاذ بذكرهما، والثاني: لئلا يجمع بين ضمير الرب ورسوله، وقد قال ﷺ لمن جمع بين الضميرين:"بئس خطيب القوم أنت" (١)، وفي هذا الأخير نص لأنه قد ثبت أنه ﷺ قد جمع بينهما في كلامه، وأجيب: بأن ذلك جائز له دون غيره، وأنه هنا لو جمع بينهما لكان جائزًا، فالوجه هو الأولى (ومن كانت هجرته إلى دنيا) مقصور غير منون، وروي تنوينها، وهي من الدنو، وهو القرب سميت بذلك لقربها من الآخرة أو لقربها من الزوال، واختلف في حقيقتها فقيل: هي ما على الأرض من الثرى والجو، وقيل: كل المخلوقات من الجواهر والأعراض، ويطلق على كل جزء منها مجازًا، (يصيبها) يحصلها (أو امرأة ينكحها) من عطف الأخص على الأعم، إذ هي من الدنيا ولفظ دنيا وإن كان نكره فإنه في سياق الشرط وهو يعم، وإنما خص المرأة لأنها سبب الحديث، قال ابن دقيق العيد (٢): نقلوا أن رجلًا هاجر من مكة ليتزوج امرأة بالمدينة، لا يريد بذلك فضيلة الهجرة، وإنما هاجر ليتزوج، والمرأة تسمى: أم قيس، فلذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما ينوى به، ولأنه زيادة في التحذير من فتنة النساء؛ لأن الفتنة بهن من أشد فتن الدنيا، ولذا قدمهن الله في قوله: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ ...﴾ الآية. [آل عمران: ١٤]، وقول ابن مالك بأن عطف
(١) إن رجلًا خطب عند النبي ﷺ فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال له النبي ﷺ: "بئس الخطيبُ أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله" أخرجه مسلم (٨٧٠)، وانظر: فتح الباري (١/ ٦١).
(٢) انظر: إحكام الأحكام (١/ ١١).
1 / 181