[٢٧] عَن زيد بن اسْلَمْ عَن عَطاء بن يسَار قَالَ بن الْعَرَبِيّ هَذَا من عَطاء الَّتِي تكلم النَّاس فِيهَا وَقَالَ بن عبد الْبر يقويه الْأَحَادِيث الْمُتَّصِلَة الَّتِي رَوَاهَا مَالك وَغَيره من طرق كَثِيرَة إِن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم الفيح بفاء مَفْتُوحَة وياء تحتية سَاكِنة وحاء مُهْملَة والفوح بواو سطوع الْحر وانتشاره وَاخْتلف على هَذَا على حَقِيقَته فَقَالَ الْجُمْهُور نعم وَقيل إِنَّه كَلَام خرج مخرج التَّشْبِيه أَي كَأَنَّهُ نَار جَهَنَّم فِي الْحر فَاجْتَنبُوا ضَرَره قَالَ القَاضِي عِيَاض كلا الْوَجْهَيْنِ ظَاهر وَحمله على الْحَقِيقَة أولى وَقَالَ النَّوَوِيّ أَنه الصَّوَاب لِأَنَّهُ ظَاهر الحَدِيث وَلَا مَانع يمْنَع من حمله على حَقِيقَته فَوَجَبَ الحكم بِأَنَّهُ على ظَاهره وجهنم قَالَ يُونُس وَغَيره اسْم أعجمي وَنَقله بن الْأَنْبَارِي فِي الزَّاهِر عَن أَكثر النَّحْوِيين وَقيل عَرَبِيّ وَلم يصرف للتأنيث والعلمية وَفِي الْمُحكم سميت بذلك لبعد قعرها من قَوْلهم بِئْر جهنام بعيدَة القعر وَفِي الموعب عَن أبي عَمْرو جهنام اسْم للغليظ وَفِي المغيث لأبي مُوسَى الْمدنِي جَهَنَّم تعريب كهنام بالعبرانية فَإِذا اشْتَدَّ قَالَ مغلطاي هُوَ افتعل من الشدَّة بِمَعْنى الْقُوَّة فأبردوا عَن الصَّلَاة قَالَ القَاضِي عِيَاض مَعْنَاهُ بِالصَّلَاةِ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة وَعَن تَأتي بِمَعْنى الْبَاء كَمَا قيل رميت عَن الْقوس أَي بِهِ وَهَذَا مَا جزم بِهِ النَّوَوِيّ قَالَ اقاضي وَقد تكون عَن هُنَا زَائِدَة أَي أبردوا الصَّلَاة يقا أبرد الرجل كَذَا إِذا فعله فِي برد النَّهَار وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ بن الْعَرَبِيّ فِي القبس وَقَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ تَأَخَّرُوا عَن الصَّلَاة مبردين أَي داخلين فِي وَقت الْبرد وَقَالَ السفاقسي أبردوا أَي ادخُلُوا فِي وَقت الْإِبْرَاد مثل أظلم دخل فِي الظلام وَأمسى دخل فِي الْمسَاء وَهَذَا بِخِلَاف الْحمى من فيح جَهَنَّم فَأَبْرِدُوهَا عَنْكُم فَإِنَّهُ يقْرَأ بوصل الأف لِأَنَّهُ ثلاثي من برد المَاء حرارة جوفي وَالْمرَاد بِالصَّلَاةِ بِالظّهْرِ كَمَا صرح بِهِ فِي حَدِيث أبي سعيد فِي الصَّحِيح وَغَيره قَالَ بن الْعَرَبِيّ فِي القبس لَيْسَ للابراد تَحْدِيد فِي الشَّرِيعَة الشَّرِيفَة إِلَّا مَا ورد فِي حَدِيث بن مَسْعُود كَانَ قدر صَلَاة رَسُول الله ﷺ فِي الصَّيف ثَلَاثَة أَقْدَام إِلَى خَمْسَة أَقْدَام وَفِي الشتَاء خَمْسَة أَقْدَام إِلَى سَبْعَة أَقْدَام أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ قَالَ وَذَلِكَ بعد طرح ظلّ الزَّوَال فَلَعَلَّ الابراد كَانَ ريثما يكون للجدار ظلّ يأوي اليه المجتاز وَقَالَ القَاضِي عِيَاض وَالنَّوَوِيّ اخْتلف الْعلمَاء فِي الْجمع بَين هَذَا الحَدِيث وَنَحْوه وَبَين حَدِيث خباب شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله ﷺ حر الرمضاء فَلم يشكنا فَقَالَ بَعضهم الابراد رخصَة والتقديم أفضل وَقَالَ بَعضهم حَدِيث خباب مَنْسُوخ بِأَحَادِيث الابراد وَقَالَ آخَرُونَ الابراد مُسْتَحبّ وَحَدِيث خباب مَحْمُول على أَنهم طلبُوا تَأْخِيرا زَائِدا على قدر الابراد وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح انْتهى وَمن الْغَرِيب فِي الْحَدِيثين تَفْسِير بَعضهم أبردوا أَي لَا تصلوها لوَقْتهَا الأول ردا إِلَى حَدِيث خباب نَقله القَاضِي عِيَاض عَن حِكَايَة الْهَرَوِيّ وَتَفْسِير آخر فَلم يشكنا أَي لم يحوجنا إِلَى الشكوى ردا إِلَى حَدِيث الابراد نَقله بن عبد الْبر عَن ثَعْلَب اشتكت النَّار إِلَى رَبهَا اخْتلف أَيْضا هَل هُوَ حَقِيقَة بِلِسَان القال أَو مجَاز بِلِسَان الْحَال أَو تكلم عَنْهَا خازنها أَو من شَاءَ الله عَنْهَا والارجح حمله على الْحَقِيقَة كَذَا رَجحه بن عبد الْبر وَقَالَ أنطقها الله لذِي أطق كل شَيْء وَالْقَاضِي عِيَاض وَقَالَ إِن الله قَادر على خلق الْحَيَاة بِجُزْء مِنْهَا حَتَّى تَتَكَلَّم أَو يخلق لَهَا كلَاما يسمعهُ من شَاءَ من خلقه وَالنَّوَوِيّ وَقَالَ جعل الله فِيهَا إدراكا وتمييزا بِحَيْثُ تَكَلَّمت بِهَذَا وَابْن الْمُنِير وَقَالَ إِن اسْتِعَارَة الْكَلَام للْحَال وَإِن عهِدت وَسمعت لَكِن الشكوى وتفسيرها وَالتَّعْلِيل لَهُ وَالْإِذْن وَالْقَبُول وَالنَّفس وقصره على اثْنَيْنِ فَقَط بعيد من الْمجَاز خَارج عَمَّا ألف من اسْتِعْمَاله وَرجح الْبَيْضَاوِيّ الثَّانِي فَقَالَ شكواها مجَاز عَن غليانها وَأكل بَعْضهَا بَعْضًا مجَاز عَن ازدحام أَجْزَائِهَا ونفسها مجَاز عَن خُرُوج مَا يبرز مِنْهَا فَأذن لَهَا بنفسين بفت الْفَاء قَالَ الْقُرْطُبِيّ النَّفس التنفس قَالَ غَيره وَأَصله الرّوح وَهُوَ مَا يخرج من الْجوف وَيدخل فِيهِ من لهواء فَشبه الْخَارِج من حرارة جَهَنَّم وبردها إِلَى الدُّنْيَا بِالنَّفسِ الَّذِي يخرج من جَوف الْحَيَوَان وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ فِي الحَدِيث إِشَارَة إِلَى أَن جَهَنَّم مطبقة محاط عَلَيْهَا بجسم يكتنفها من جَمِيع نَوَاحِيهَا قَالَ وَالْحكمَة فِي التَّنْفِيس عَنْهَا إِعْلَام الْخلق بأنموذج مِنْهَا قلت وَقد روى الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير بِسَنَد حسن عَن بن مَسْعُود قَالَ تطلع الشَّمْس من جَهَنَّم فِي قرن شَيْطَان وَبَين قَرْني شَيْطَان فَمَا ترْتَفع من قَصَبَة إِلَّا فتح بَاب من أَبْوَاب النَّار فَإِذا اشْتَدَّ الْحر فتحت أَبْوَابهَا كلهَا وَهَذَا يدل على أَن التنفس يَقع من أَبْوَابهَا وعَلى أَن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم حَقِيقَة
1 / 29