قال : بلى . قلت : فأين أنت ؟ قال : أنا والله في روضة من رياض الجنة أنا ونفر من أصحابي نجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها إلى بكر بن عبد الله المزني ، فتبلغنا أخباركم . فقلت : أجسامكم أم أرواحكم ؟ قال : هيهات بليت الأجسام ، وإنما تتلاقى الأرواح . فقلت : هل تعلمون بزيارتنا إياكم ؟ قال : نعلم بها عشية الجمعة ، ويوم الجمعة كله ويوم السبت إلى طلوع الشمس . قلت : فكيف ذلك دون الأيام كلها ؟ قال : لفضل يوم الجمعة وعظمه كذا في تحفة الإخوان . ( قال النبي عليه الصلاة والسلام : القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة ) بسكون الفاء وبالتاء ( من حفر النار ) فالحفر بضم الحاء وفتح الفاء وبحذف التاء في الآخر ، وهو جمع مثل غرفة وغرف ( وقال عليه الصلاة والسلام : المؤمن في قبره في روضة خضراء ويوسع له قبره سبعين ذراعا ويضيء حتى يكون كالقمر ليلة البدر ) وفي الإحياء قال مالك بن أنس : بلغني أن أرواح المؤمنين مرسلة تذهب حيث شاءت ( وقال عليه الصلاة والسلام : لو أن بني آدم علموا كيف عذاب القبر ما نفعهم العيش في الدنيا فتعوذوا ) أي استعينوا ( بالله الكريم ) أي الذي يعطي النوال قبل السؤال ( من عذاب القبر الوخيم ) أي الثقيل وفي حديث حسن للحاكم عن أبي ذر لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، ولما ساغ لكم الطعام والشراب ، وعن الحسن البصري قال : من علم أن الموت مورده والقيامة موعده والوقوف بين يدي الله تعالى مشهده ، فحقه أن يطول في الدنيا حزنه ( وقال عليه الصلاة والسلام : ما من عبد يمر بقبر رجل ) أي إنسان ذكرا كان أو أنثى ( كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام ) رواه الخطيب وابن عساكر عن أبي هريرة قال العزيزي ولا مانع من خلق هذا الإدراك برد الروح في بعض بدنه . | قال المناوي قوله صلى الله عليه وسلم كان يعرفه يفهم منه أنه إذا لم يعرفه لا يرد ، وهو غير مراد . فقد أخرج ابن أبي الدنيا ، وزاد في روايته وإن لم يعرفه رد عليه السلام اه . ( وقال عليه الصلاة والسلام : ما من مسلم مر بقبر من مقابر المسلمين إلا قال له أهل القبور يا غافل ) أي عن عبادة الله تعالى ( لو علمت ما نعلم لذاب لحمك على جسدك ودمك على بدنك وقال عليه الصلاة والسلام : إن العبد المؤمن إذا وضع في القبر وأقعد وقال أهله وأقرباؤه وأحباؤه وأبناؤه واسيداه ) فوا حرف نداء وندبة والهاء للوقف ( وا شريفاه وا أميراه قال له الملك اسمع ما يقولون أنت كنت سيدا وأنت شريفا وأنت أميرا قال الميت : يا ليتهم لم يكونوا فيضغطه ضغطة تختلف بها أضلاعه ) وفي رواية لأحمد وأبي داود والشيخين والنسائي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل نخلا لبني النجار ، فسمع صوتا ، ففزع فقال : ( من أصحاب هذه القبور ) ؟ فقالوا : يا رسول الله ناس ماتوا في الجاهلية . فقال : نعوذ بالله من عذاب القبر ، ومن فتنة الدجال . قالوا : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان ، فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل لمحمد ؟ فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله ، فيقال انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة فيراهما جميعا ، ويفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون . وأما الكافر أو المنافق فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري كنت أقول ما يقول الناس . فيقال له : لا دريت ولا تليت ، ثم يضرب بمطراق من حديد ضربة بين أذنيه ، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه قوله لمحمد ، أي في محمد أي إن قول هذا الرجل في حق محمد ، ومعنى هذا الرجل ، أي الحاضر ذهنا عبر بذلك لا بنحو هذا النبي امتحانا للمسؤول لئلا يلقن منه . | قوله أو المنافق شك من الراوي أي أن أو بمعنى الواو . والمنافق هو الذي أظهر الإسلام وأخفى الكفر . قوله : ولا تليت بمثناة مفتوحة بعدها لام مفتوحة وتحتانية ساكنة ، أي لا قرأت القرآن أو المعنى لا اتبعت من يدري ( وقال عليه الصلاة والسلام : قال الله تعالى يا عيسى كم من وجه صبيح وبدن صحيح ولسان فصيح غدا بين أطباق النيران يصيح . وقال عليه الصلاة والسلام : القبر أول منزل من منازل الآخرة وآخر منزل من منازل الدنيا ) وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا وقع على قبر بكى ما لا يبكيه عند ذكر الجنة والنار ، فقيل له في ذلك فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( القبر أول منازل الآخرة ، فإن نجا العبد منه فما بعده أيسر منه ) ( وقال عليه الصلاة والسلام : القبر منزل لا بد فيه من النزول . وقال عليه الصلاة والسلام : إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده أي محل قعوده من الجنة أو النار بأن تعاد الروح إلى بدنه أو بعضه ( بالغداة والعشي ) أي وقتهما ( إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة ) أي فمقعده من مقاعد أهل الجنة ( وإن كان من أهل النار فمن أهل النار ) أي فمقعده من مقاعد أهل النار فليس الجزاء والشرط متحدين معنى بل لفظا ( يقال ) أي له من قبل الله تعالى ( هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه ) أي إلى ذلك المقعد ( يوم القيامة ) أي لا تصل إليه إلا بعد البعث ، وهذا واضح في حق المؤمن الخالص والكافر ، وكذا المؤمن الذي يخلط عمله بذنب فيرى مقعده في الجنة فيقال له : هذا مقعدك ، وستصير إليه بعد مجازاتك بالعقوبة على ما تستحق رواه الشيخان والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر بن الخطاب . |
1 ( الباب التاسع والثلاثون في منع النياحة على الميت ) 1
وفي بعض النسخ تقديم هذا الباب على الباب الذي قبله قال النووي في
Shafi 73