الصحيحين أن عمر رضي الله عنه قال على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا إن الخمر قد حرمت وهي من خمسة : من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل ، أي ستره كذا في الزواجر . ( قال النبي عليه الصلاة والسلام : من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها ) أي الخمر ( في الآخرة ) قال بعضهم هذا وعيد بأنه لا يدخل الجنة ، لأن الخمر شراب داخل الجنة ، إلا أنهم لا يصدعون عنها ، ولا ينزفون ومن دخل الجنة لا يحرم شربها ، أو كان يدخل الجنة ويحرم شرب الخمر ، بأن لا يشتهي شربها في الجنة كما لا يشتهي منزلة من هو أرفع منه لحديث البيهقي من شرب الخمر في الدنيا ، ولم يتب لم يشربها في الآخرة ، وإن دخل الجنة وروى أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر كل مسكر خمر ، وكل مسكر حرام ، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها ، ولم يتب لم يشربها في الآخرة ( وقال عليه الصلاة والسلام : من شرب الخمر ممسيا أصبح مشركا ومن شربها مصبحا أمسى مشركا ) وفي الجامع من شرب بصقة من خمر ، أي شيئا قليلا بقدر ما يخرج من الفم من البصاق ، فاجلدوه ثمانين ، أي إن كان حرا وإلا فعشرين رواه الطبراني عن ابن عمرو بن العاص . ( وقال عليه الصلاة والسلام : الخمر أم الخبائث فمن شربها لم تقبل صلاته أربعين يوما ) خص صلى الله عليه وسلم الصلاة بالذكر لأنها أفضل عبادات البدن والأربعين ، لأن الخمر تبقى في أعضائه أربعين يوما . وقال بعضهم ذلك محمول على الزجر والتنفير . ( فإن مات وهي في بطنه مات ميتة ) بكسر الميم بالتنوين ( جاهلية ) أي كميتة أهل الجاهلية ، أي صار منابذا للشرع تشبيها بأهل الجاهلية رواه الطبراني عن ابن عمرو بن العاص بإسناد حسن ( وقال عليه الصلاة والسلام : الخمر جماع الإثم ) كما قال عثمان بن عفان رضي الله عنه : اجتنبوا الخمر فإنه كان ممن قبلكم رجل يتعبد ويعتزل الناس فلقيته امرأة بغي ، أي زانية فأرسلت جاريتها إليه فقالت : إنا ندعوك لشهادة ، فلما دخل من باب أغلقت الباب حتى أفضى إلى تلك المرأة وعندها غلام وقدح من خمر فقالت : والله ما دعوتك لشهادة ، وإنما دعوتك لتقع علي أو تقتل هذا الغلام أو تشرب هذا الخمر ، فاختار شرب الخمر على الزنى والقتل ، لأن كلا منهما أعظم وزرا من شرب الخمر ، فلما شربها واقعها وقتل الغلام . ( وقال عليه الصلاة والسلام : شارب الخمر ملعون ) لأنها حرام في كل دين ، فإن حفظ العقل من الموبقات هو الذي اتفق أهل الملل على وجوب حفظه . ( وقال عليه الصلاة والسلام : شارب الخمر كعابد اللات والعزى ) أي إن استحل ذلك أو هو زجر وتنفير رواه الحارث بن أبي أسامة عن ابن عمر بن العاص . واللات هو صنم ثقيف ، والعزى هي شجرة لغسان وهما أعظم أصنام الكفار ( وقال عليه الصلاة والسلام : من شرب الخمر فقد كفر بما أنزل الله تعالى على أنبيائه ومن سلم على شارب الخمر أو صافحه أحبط الله تعالى عمله أربعين سنة ) وفي الزواجر قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تجالسوا شراب الخمر ولا تعودوا مرضاهم ولا تشهدوا جنائزهم وإن شارب الخمر يجيء يوم القيامة مسودا وجهه مدلعا لسانه على صدره يسيل لعابه يقذره كل من رآه ) قال بعض العلماء وإنما نهى عن عيادتهم والسلام عليهم ، لأن شارب الخمر فاسق ملعون قد لعنه الله ورسوله ، فإن اشتراها أو عصرها كان ملعونا مرتين ، وإن سقاها لغيره كان ملعونا ثلاث مرات ، فلذلك نهى عن عيادته والسلام عليه إلا أن يتوب ، فإن تاب تاب الله عليه ( وقال عليه الصلاة والسلام : لا يجتمع الخمر والإيمان في قلب امرىء أبدا ) وفي حديث الطبراني عن أبي هريرة من شرب خمرا ، أي عالما مختارا خرج نور الإيمان من جوفه ، أي فإن تاب عاد إليه وعن الفضيل بن عياض أنه حضر عند تلميذ له حضره الموت ، فجعل يلقنه الشهادة ولسانه لا ينطق بها ، فكررها عليه فقال : أقولها وأنا بريء منها ، ثم مات فخرج الفضيل من عنده وهو يبكي ، ثم رآه بعد مدة في منامه ، وهو يسحب به في النار . فقال له : يا مسكين بم نزعت منك المعرفة ؟ فقال : يا أستاذ كان بي علة فأتيت بعض الأطباء . فقال لي : تشرب في كل سنة قدحا من الخمر ، وإن لم تفعل تبق بك علتك ، فكنت أشربها في كل سنة لأجل التداوي ، فهذا حال من شربها للتداوي ، فكيف حال من يشربها لغير ذلك ، نسأل الله العافية من كل بلاء ومحنة كذا في الزواجر ( وقال عليه الصلاة والسلام : من شرب الخمر حتى يزيل عقله يأتيه الشيطان في دبره أربعين مرة كما يأتي الرجل امرأته ) أي في قبلها وفي الزواجر قال صلى الله عليه وسلم : ( من شرب الخمر ولم يسكر أعرض الله عنه أربعين ليلة ، ومن شرب الخمر وسكر لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، أي نفلا ولا فرضا أربعين ليلة ، فإن مات فيها مات كعابد وثن ، وكان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال قيل : يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال : عصارة أهل النار القيح والدم ) . ( وقال عليه الصلاة والسلام : لعن الله الخمر وشاربها وساقيها ) أي للغير ( وبائعها ومبتاعها ) أي مشتريها ( وعاصرها ومعتصرها ) أي طالب عصرها ( وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها ) بمد الهمزة أي آخذه وخص الأكل بالذكر ، لأنه أغلب وجوه الانتفاع رواه أبو داود والحاكم عن ابن عمر وهو حديث صحيح . |
1 ( الباب التاسع والعشرون في فضيلة الرمي ) 1
أخرج مسلم وغيره عن عتبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه
Shafi 57