401

وقد رابني قولها : يا هناه ! ويحك ألحقت شرا بشر ففي هذه الأبيات الثلاثة تعاقب بين الحركات الثلاثة في الحرف الذي قبل حرف الروي ، لأنه أتي بالضمة في البيت الأول ، وأتى بالكسرة في البيت الثاني ، وأتى بالفتحة في البيت الثالث .

ومعنى قوله(¬1): تسديتها ، أي علوتها ، ومعنى : " الكالئ " هذا الرقيب ، ومعنى " الكاشح " هو : المبغض ، ومعنى يا هناه : يا رجل ، أو يا إنسان ، وأكثر ما يستعمل هذا اللفظ في الجفاء والغلظة في القول .

وقوله : (( كذا الشياطين بمقنع أثر )) ، اعترض هذا البيت بأن قيل : ظاهره يقتضي أن هذا اللفظ مذكور في المقنع دون غيره ، وليس الأمر كذلك ، لأن الأئمة الأربعة كلهم ذكروه ، وهو مناقض لقوله أولا(¬2): (( ثم الشياطين ديار أبواب )) ، بيان مناقضة هذا مع ذاك : أن قوله هاهنا ، يقتضي أنه مذكور في المقنع خاصة ، وظاهر قوله أولا أنه مذكور في التنزيل خاصة ، لأنه ذكره أولا لأبي داود خاصة ، ولو أراد الشيخين معا ، لقال : (( وعنهما )) على عادته .

أجيب عن هذا بأن قيل : قوله : (( كذا الشياطين )) ، معناه : أن { الشياطين } محذوف الألف بالاتفاق كالألفاظ التي قبله ، لأنه شبهه بها في حكمها .

وقوله : (( بمقنع أثر في سالم الجمع )) كلام قصد(¬3)به الناظم صاحب المقنع دون غيره ، وبيان هذا : أن الشيوخ [كلهم](¬4)ذكروا لفظ { الشياطين } بالحذف لا فرق بين صاحب المقنع وغيره ، إلا أن صاحب المقنع انفرد عنهم بذكره في جمع المذكر السالم ، وليس ذلك المحل بمحله ، فوافق أبو عمرو في حكم هذا اللفظ غيره وخالفهم في الإتيان في غير محله ، لأنه ذكره في جمع السلامة مع أن محله جمع تكسير .

Shafi 467