فصل (في حكم من يعتريه المذي)
وأما الأحداث التي قدمنا تعدادها فإن خرجت على وجه العادة أوجبت (1) الوضوء بإجماع، وإن خرجت على غير العادة كالمستنكح، فلا يخلو من كانت به تلك العلة من أن يقدر على رفعها كمن يعتريه المذي لطول عزبة (2) وهو قادر على إزالة العزبة بالتزويج أو التسري [أو لا يقدر على رفعها كمن لا يمكنه التزويج أو التسري] (3)، وكمن يعتريه ذلك لإبردة (4) أو يعتريه شيء من الأحداث ويلازمه، فإن قدر على إزالة (5) ذلك بالتداوي كما قلنا ففيه قولان: المشهور إيجاب الوضوء، لأن قدرته على الرفع تلحق ذلك بالمعتاد، والشاذ إسقاط الوضوء لأنه خارج على غير العادة فأشبه من لا يقدر. وقد يقال هاهنا أن هذا على الخلاف فيمن ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟ وإن كان لا يقدر على الرفع فلا يخلو من أن يلازمه ذلك ولا يفارقه، أو يفارقه في بعض الأوقات (6) ويلازمه في بعضها؛ فإن لازم ولم يفارق فلا يجب الوضوء منه ولا يستحب، لأنه لا معنى للوضوء وهو يسيل (7) معه بعد (8) فراغه، وإن كان يلازم ويفارق فلا يخلو من ثلاث صور؛ إحداها: أن تكون ملازمته أكثر، فهذا يستحب منه الوضوء ولا يجب. والثانية: أن تكون مفارقته أكثر، فهذا فيه قولان: المشهور إيجاب الوضوء، والشاذ -وهو رأي جماعة من البغداديين- إسقاطه، وهو خلاف في حصول الحرج بذلك. فمن رآه حاصلا أسقطه، ومن رآه غير حاصل لم يسقط (9) بذلك الوجوب.
Shafi 256