التمهيد
في أصول الفقه
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن (يا كريم)
١ - قال الشيخ الإمام العالم (العلامة)، أبو الخطاب، محفوظ بن أحمد الكلوذاني ﵀ (ورضي عنه):
ينبغي أن يعلم ما الفقه، وما أصوله حتى يتكلم فيه، فإن الإنسان لا يتكلم في شيء حتى يعرفه.
٢ - أما الفقه فله معنيان، معنى في الشرع، ومعنى في اللغة.
فأما معناه في اللغة: فهو الفهم والمعرفة، يقال: «فقهت» كلامك إذا عرفته وفهمته، ويقال: فقهت الكلام أي عرفته وفهمته وعلمته، كل ذلك بمثابة واحدة، وكذلك قوله تعالى: " وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ". أي لا تعرفون ولا تفهمون، فهذا معناه في اللغة.
1 / 3
٣ - وأما معناه في الشرع: فهو العلم بأحكام أفعال المكلفين الشرعية دون العقلية.
مثل الحلال، والحرام، والحظر، والإباحة، وصحة العقد، وفساده، وما أشبه ذلك.
فأما قولنا: "العلم بأحكام أفعال"، فنريد به ما علمناه بالشرع إما بيقين، أو غالب ظن.
وأما قولنا: "بأحكام أفعال"، فنريد به الأحكام دون الأفعال لأنه لو كانت الأفعال هي الأحكام لما أضيفت لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه.
1 / 4
وأما قولنا: "الشرعية"، فنريد به: ما استفدناه بالشرع إما بإقراره على ما كان عليه قبل الشرع، أو بنقله عن ذلك الأصل إلى غيره، مثل الدية كانت قبل الشرع مائة منا لإبل، فلما جاء الشرع أقرها على ذلك، ومثل الظهار والإيلاء كانا طلاقًا في الجاهلية فنقلهما إلى غيره، أما الظهار فجعله تحريمًا، والإيلاء جعله يمينًا.
وأما الحلال والحرام والحظر والإباحة وصحة العقد وفساده وما أشبه ذلك فيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
٤ - وأما أصول الفقه فله معنيان: معنى في العرف، ومعنى في اللغة.
فأما معناه في اللغة: فهو ما يبنى عليه الفقه وما يتفرع منه.
1 / 5
وأما معناه في العرف بين الفقهاء فهو: الأدلة والطرق ومراتبها وكيفية الاستدلال بها.
٥ - فصل: أما الأدلة فهي أصل ومعقول أصل واستصحاب حال.
فأما الأصل: فهو الكتاب والسنة والإجماع وقول واحد من الصحابة (في) إحدى الروايتين عن أحمد.
وأما (معقول) أصل فهو: لحن الخطاب وفحوى الخطاب ومعنى الخطاب ودليل الخطاب.
وأما استصحاب حال، فاستصحاب حال العقل واستصحاب حال الإجماع.
1 / 6
٦ - فصل: فأما الكتاب فدلالته من أربعة أوجه: نص، وظاهر، وعموم، ومجمل.
وأما السنة فدلالتها من ثلاثة أوجه: قول، وفعل، وإقرار عليهما.
وأما الإجماع فعلى ضربين: عام، وخاص.
وأما قول واحد من الصحابة، فإن قلنا إنه حجة، فدلالته دلالة السنة، وإن قلنا إنه ليس بحجة فيسقط.
٧ - فصل: فأما النص فصفته أن يكون صريحًا فيما ورد فيه مثل قوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ﴾ فهذا نص في أن الزاني يجب عليه الحد، وليس بنص في صفة الزاني هل يكون بكرًا أو ثيبًا، ومثل قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ ١ ب/ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ وهذا نص في إيجاب العدة وليس بنص في صفة الأقراء هل هي الحيض أو الأطهار.
وحكم هذا أن يجب المصير إليه ولا يجوز العدول عنه إلا أن يرد ما ينسخه.
٨ - فصل: وأما الظاهر فهو: ما احتمل أمرين هو في أحدهما أظهر من الآخر.
1 / 7
وهو على ضربين: ظاهر بالوضع، وظاهر بالدليل.
أما الظاهر بالوضع فهو على ضربين: وضع بالشرع ووضع باللغة.
فأما الظاهر بوضع الشرع فهو: مثل الصلاة والصيام فإن الصيام هو إمساك مخصوص في زمان مخصوص، وكذلك الصلاة.
وأما وضع اللغة فهو: يمثل مثل الأمر يحتمل الإيجاب ويحتمل الندب والاستحباب إلا أنه في الإيجاب أظهر، ومثل النهي يحتمل التحريم ويحتمل الكراهة، إلا أنه في التحريم أظهر.
وحكم هذا أن يجب المصير إليه، ولا يجوز العدول عنه إلا بدليل.
وأما الظاهر بالدليل: فمثل قوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ ومثل قوله عز اسمه ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ فإن هذا ظاهره ظاهر الخبر، غير أنا حملناه على الأمر بدليل أنا لو حملناه على ظاهره لأدى أن يكون خبر الله خلاف مُخبره. لأنا نجد الوالدات يرضعن أولادهن أكثر من حولين وأقل من حولين، ونرى المصحف يمسه الطاهر وغير الطاهر فحملنا قوله: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾ أي يجب على الوالدة أن ترضع الولد. وحملنا قوله: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ أي لا يجوز أن يمسه إلا المطهرون.
1 / 8
٩ - فصل: وأما العموم فهو: كل ما عم اثنين فصاعدًا، وكان الأمر به لكل واحد منهما (أمرًا) على الآخر.
وألفاظه أربعة: لفظ الجموع كقولك: المسلمين والمجرمين والمشركين وما أشبه ذلك.
ولفظ الجنس كقولك: الرجال والنساء والبقر والدواب وما أشبه ذلك.
واللفظ الثالث: "من" لمن يعقل، و"ما" لما لا يعقل، و"أين" في المكان، و"متى" في الزمان، و"أي" فيهما.
والرابع: لفظ منفرد إذا دخله الألف واللام كقولك: الزاني والسارق، فإن هذا يستغرق الجميع.
وحكم هذا أن يجب المصير إليه، ويحمل على عمومه إلا أن يرد دليل يخصه.
١٠ - فصل: وأما المجمل فهو: كل لفظ لا يعرف معناه منه، وقيل: لا يعرف معناه من (لفظه)، والأول أصلح، لأنه يرجع إلى لفظه.
1 / 9
وهو على ضربين: لا عرف له في الشرع، ولا في اللغة. وهو مثل قوله عز اسمه: ﴿وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ فإن هذا الحق ليس له عرف في الشرع ولا في اللغة.
وحكم هذا أن لا يجوز المصير إليه حتى يرد ما يفسره.
ومجمل له عرف في اللغة هو مثل الصلاة والزكاة والحج، فإن الصلاة لها معنى في اللغة وهو الدعاء، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾. أي ادع لهم.
وكذلك قال الشاعر وهو الأعشى ٢/أ:
تقول بنتي وقد قربت مرتحلا ... يا رب جنب أبي الأوصال والوجعا
عليك مثل الذي صليت (فاغتمضي) ... نومًا فإن لجنب المرء مضطجعا
1 / 10
وأما الزكاة فمعناها في اللغة: الزيادة والنماء، يقال زكا المال: إذا نما، وكذلك الحج معناه في اللغة: القصد، يقال: أحج إليكم كل عام: أي أقصد.
فحكم هذا أن لا يصار إليه حتى يرد دليل يفسره. وقد اختلف أصحاب الشافعي فمنهم من قال مثل قولنا، ومنهم من قال: هو عام في جميع الأشياء، وقال أحمد ﵀ في كتاب طاعة الرسول: لا يجوز العدول إلى هذا حتى يرد ما يفسره.
١١ - باب السنة: قد بينا أن دلالتها من ثلاثة أوجه: قول وفعل وإقرار عليهما.
فأما القول فعلى ضربين: قول خرج منه ابتداء، وقول خرج منه على سبب.
فأما القول الذي خرج منه ابتداء فدلالته كدلالة الكتاب من أربعة أوجه: نص وظاهر وعموم ومجمل.
1 / 11
فأما النص: فصفته أن يكون صريحًا فيما ورد فيه كقوله ﵇: "في أربعين شاة شاة"، وكقوله: "في كل خمس ذود شاة". فإن هذا صريح فيما ورد فيه، ولا يجوز العدول عنه إلا بما ينسخه.
وأما الظاهر: فمثل قوله ﷺ: "صبّوا على بول الأعرابي دلوًا من ماء".
فإن الظاهر منها الإيجاب ولا يحمل على غيره إلا بدليل.
وأما العموم: فمثل قوله ﷺ: "من بدل دينه فاقتلوه" فهذا عام في كل من بدل دينه، وحكمه أنه لا يجوز العدول عنه إلا بدليل يخصه.
وأما المجمل: فمثل قوله ﷺ: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى
1 / 12
يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" وحقها لا يعلم ما هو. وحكم هذا أن لا يجوز المصير إليه حتى يرد ما يفسره.
وأما القول الخارج على سبب فهو على ضربين: منه ما السبب شرط فيه (كالعلة) يوجد الحكم بوجودها ويعدم بعدمها، ومنه ما ليس السبب شرطًا فيه.
فأما ما السبب شرط فيه: فمثل ما روي: "أن أعرابيًا جاء للنبي ﷺ فقال: يا رسول الله هلكت وأهلكت، فقال: ما صنعت؟ قال: وقعت على أهلي في شهر رمضان، فقال: أعتق رقبة". فإن هذا سبب لا بد منه.
وأما الذي ليس السبب شرطًا فيه: فمثل ما روي عن النبي ﷺ: "أنه سئل هل يجوز التوضئ بماء البحر؟ فقال: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته".
فإن هذا ليس بشرط لأنه لو كان ابتداء كان كلامًا مفيدًا، وكذلك روي عنه ﵇: "أنه سئل عن الماء يكون بأرض فلاة
1 / 13
رابعة رجمك رسول الله ﷺ، فسكت النبي ﷺ"، فصار كأنه قال ذلك.
وأما الإقرار على الفعل، فمثل ما روي عن النبي ﷺ: "أنه رأى بلالًا يؤذن في منارة ويتبع وجهه هكذا وهكذا فلم ينكر عليه ذلك"، فصار هذا كأنه فعل من النبي ﷺ.
١٤ - فصل: وأما الإجماع: فهو إجماع علماء العصر على حكم حادثة، وهو على ضربين، إجماع عام، وإجماع خاص.
فأما الإجماع العام: فهو مثل إجماعهم على الصلاة والزكاة وسائر العبادات والعقود جميعها من البيوع والإجارات والنكاح والمضاربات، فهذا إجماع عام.
وحكم هذا أن يجب المصير إليه، ولا يجوز العدول عنه، فمن خالفه بعد العلم به فقد كفر بذلك.
1 / 16
وأما الإجماع الخاص: فهو قول الصحابي إذا انتشر بين الصحابة وأقروه على ذلك، ولم ينكر عليه واحد منهم. وهو مثل ما روي عن عمر ﵁: "أنه جلد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة" فأقروه على ذلك ولم ينكر عليه أحد منهم. ومثل ما روي عنه أيضًا أنه قتل الثلاثة الذين قتلوا الصنعانية، وقد قيل خمسة، وقيل سبعة فقيل له: (يقتل) جماعة بواحد؟ فقال: والله لو تمالأ عليها أهل صنعاء (لأقدتهم) بها فأقروه،
1 / 17
ومثل ما روي أن عثمان دخل على عمر وهو يخطب على المنبر فقال: أي ساعة هذه؟ ٢ أ/ فقال: سمعت الأذان فما لبثت أن توضأت وجئت. فقال: والوضوء أيضًا؟ وقد أمرنا رسول الله ﷺ بالغسل، ثم أقره على ترك الغسل، ولم ينكر عليه واحد من الصحابة ذلك، وهذا الإجماع الخاص.
وقد اختلفوا هل يكون سكوتهم عن ذلك، وترك إنكارهم (الإجماع) حجة أم لا؟ وسنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
١٥ - فصل: فأما قول واحد من الصحابة، فإن قلنا إنه حجة. فدلالته كدلالة السنة، يخص به العموم ويقدم على القياس، وإن قلنا إنه ليس بحجة، فلا يخص به عموم، ولا يقدم على القياس، غير أنه يرجح به الأدلة، وسنبين أي الروايتين أصح فيما بعد إن شاء الله تعالى.
١٦ - فصل: وأما معقول أصل، فقد بينا أنه أربعة أشياء: لحن الخطاب، وفحوى الخطاب، ومعنى الخطاب، ودليل الخطاب.
1 / 18
فأما لحن الخطاب: فهو على أضرب:
منه ضمير في اللفظ لا يتم اللفظ إلا به مثل قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾، تقديره: فأفطر فعدة من أيام أُخر، وكذلك قوله تعالى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ﴾، تقديره: فضرب فانفجرت، فهذا ضمير لا يتم اللفظ إلا به.
ومنه حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وهو على ضربين: منه ما لا يحتاج إلى دليل ومنه ما يحتاج إلى دليل.
فأما ما لا يحتاج إلى دليل فمثل قوله تعالى: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا﴾.
وكذلك قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ﴾ «تقدير» هذا وضميره واسأل أهل القرية، وكذلك عيسى ابن مريم قول الحق، صاحب قول الحق، فهذا لا يحتاج إلى دليل.
وأما ما يحتاج إلى دليل فمثل قوله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ معناه أفعال الحج في أشهر معلومات، فانتقلنا إلى
1 / 19
الأفعال بدليل وهو قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾، وكذلك قوله تعالى: ﴿قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾، فإن من حمله على أرباب العظام يحتاج إلى دليل.
وقد قيل إن لحن الخطاب هو معرفة الضمير من نفس الكلام بالذكاء «والفطنة»، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ يعني بالذكاء، وكذلك قول الشاعر:
منطقٌ صائبٌ وتلحن أحيانًا ... وخير الكلام ما كان لحنا
١٧ - فصل: وأما فحوى الخطاب: فهو أنه ينص على شيء ينبه به على غيره، وهو يسمى مفهوم الخطاب، فأما ما ينص على شيء تنبيهًا به على غيره، فمثل قوله تعالى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا
1 / 20
أُفٍّ﴾ فنص على التأفيف (تنبيهًا) بذلك على ما هو أعلى منه، وكذلك قوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَامَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَامَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾ فنص على القنطار ونبه به (على) ما هو دونه، ونص على الدينار ونبه (على) ما هو أكثر منه، وقد قيل: إن فحوى الخطاب مأخوذ من الفيح والإظهار يقال: "فاحت القدر" إذا ظهرت رائحتها ويقال: "أَفحَّ قدرك".
وتقول العرب للأبزار "فُحًا" لأن به يفيح القدر.
١٨ - فصل: وأما دليل الخطاب فهو أن يعلق الحكم على أحد وصفي الشيء، ويستدل على أن ذلك الحكم منفيٌ من غير تلك الصفة وهو على أضرب: منه ما علق على الشرط، ومنه ما علق على الصفة، ومنه ما علق على الاسم، ومنه ما علق على العدد، ومنه ما كان للحصر، ومنه ما دخله الألف واللام فيستغرق الجنس.
1 / 21
فأما ما علق بشرط فمثل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾، فمن دليل الخطاب أن غير ذات الحمل لا تجب نفقتها.
وأما ما علق بصفة فمثل قوله ﵇: "في سائمة الغنم الزكاة"، فمن دليل الخطاب أن غير السائمة لا يجب فيها الزكاة.
وأما المعلق بالعدد فمثل قوله ﵇: "في سائمة الغنم الزكاة"، فمن دليل الخطاب أن غير السائمة لا يجب فيها الزكاة.
وأما المعلق بالعدد فمثل قوله ﵇: "في كل أربعين شاة شاة" "وفي كل خمس ذود شاة" فمن دليل الخطاب أن ما دون أربعين من الغنم لا يجب فيها شاة.
فأما ما علق على الاسم فمثل ما روي عن النبي ﷺ أنه قال: "خذ البر من البر" "وفي ثلاثين من البقر تبيع"، فمن دليل الخطاب أن البر لا يؤخذ من غيره، وأن التبيع لا يؤخذ إلا من البقر.
1 / 22
وأما ما كان للحصر فهو مثل قوله ﵇:
"إنما الولاء لمن أعتق"، معناه: لا ولاء إلا لمن أعتق، والدليل عليه قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ معناه: أن لا إله إلا الله، وكما يقال: "إنما في الدار زيد" ومعناه: لا أحد في الدار إلا زيد.
وأما ما دخله الألف واللام كقوله: "الخلافة في قريش" يعني لا خلافة إلا في قريش، وكقوله ﷺ: "البينة على المدعي" معناه جميع البينة على المدعي، فهذا يستغرق الجنس، وفي هذا كله خلاف وسنبينه إن شاء الله تعالى.
1 / 23