Shiri don Tarihin Falsafar Musulunci
تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية
Nau'ikan
وفي كتاب «العواصم من القواصم» لأبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي: «الحكمة» وليس للحكمة معنى إلا العلم، ولا للعلم معنى إلا العقل، إلا أن في الحكمة إشارة إلى ثمرة العلم وفائدته، ولفظ العلم مجرد عن دلالته على غير ذاته، وثمرة العلم العمل بموجبه والتصرف بحكمه، والجري على مقتضاه في جميع الأقوال والأفعال.
58
والنظر فيما ورد في القرآن والسنة من استعمال كلمة «الحكمة» يدل على أن المراد بها العلم الذي يتصل بالعمل. وفي حديث الصحيحين: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها .»
كان لهذه المعاني الدينية التي قررها الإسلام منذ نشأته أثرها العظيم في توجيه النظر العقلي عند المسلمين في عهدهم الأول، فكرهوا البحث والجدل في أمور الدين.
قال ابن عبد البر المتوفى سنة 463ه/1070-1071م في كتاب «مختصر جامع بيان العلم وفضله»: «ونهى السلف - رحمهم الله - عن الجدال في الله - جل ثناؤه - في صفاته وأسمائه، وأما الفقه فأجمعوا على الجدال فيه والتناظر؛ لأنه علم يحتاج فيه إلى رد الفروع إلى الأصول للحاجة إلى ذلك، وليس الاعتقادات كذلك؛ لأن الله - جل وعز - لا يوصف عند الجماعة - أهل السنة - إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله
صلى الله عليه وسلم ، أو أجمعت الأمة عليه، وليس كمثله شيء فيدرك بقياس أو إنعام النظر، وقد نهينا عن التفكر في الله، وأمرنا بالتفكر في خلقه الدال عليه، وعن مصعب بن عبد الله الزبيري قال: «كان مالك بن أنس يقول: الكلام في الدين أكرهه، ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه، نحو الكلام في رأي جهم، والقدر وما أشبه ذلك، ولا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل.»
59
وقال أيضا في الكتاب نفسه: «وقال أحمد بن حنبل: لا يفلح صاحب كلام أبدا، ولا نكاد نرى أحدا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل، وقال مالك: أرأيت إن جاءه من هو أجدل منه، أيدع دينه كل يوم لدين جديد؟ وقال ابن عبد البر أيضا: «قال أبو عمر: تناظر القوم وتجادلوا في الفقه، ونهوا عن الجدال في الاعتقاد؛ لأنه يؤدي إلى الانسلاخ من الدين، ألا ترى مناظرة بشر في قوله - عز وجل:
ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ، حين قال: هو بذاته في كل مكان، فقال له خصمه فهو في قلنسوتك وفي حشك وفي جوف حمار، تعالى الله عما يقولون، حكى ذلك وكيع - رحمه الله - وأنا والله أكره أن أحكي كلامهم قبحهم الله، فعن هذا وشبهه نهى العلماء، وأما الفقه فلا يوصل إليه، ولا ينال أبدا دون نظر وتفهم له.»
60
Shafi da ba'a sani ba