============================================================
الشهيد شح معالم العدل والنوحيل وأما ثانيا فهو أنه علق الرؤية باستقرار الجبل حال تحركه، وحصول الاستقرار حال الحركة محال: وأما ثالثا فهو أن قوله فإن استقر مكانه فسوف تراني معناه فإن استقر حال التجلي؛ لأمرين: أما أولا فلأن أحدنا لو قال لحاجب الخليفة: أرني الخليفة. فقال الحاجب: لن تراه ولكن انظر إلى زيد فإن استقر قدماه فسوف تراه. فلما تجلى الخليفة لم يستقر قدما زيد علمنا أنه أراد فإن استقر قدماه حال التجلي: وأما ثانيا فلولا أن الغرض بقوله فإن استقر مكانه فسوف تراني حالة التجلي لكان لا معنى لقوله فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاب لأن ذكره ليس إلا ليزيد أن استقرار الجبل حالة التجلي محال لا يمكن، فثبت أن حصول الرؤية معلق على أمر مستحيل، فيجب أن يكون محيلا.
الوجه الثاني سلمنا أن الرؤية معلقة على أمر ممكن، فلم قلتم إنها لا بد أن تكون ممكنة ؟
بيانه أن المعلق على ما لا يوجد وهو مما يصح وجوده يفيد أمرين: أحدهما استحالة صول المعلق عند عدم الشرط. والثانى صحة حصوله عند حصول الشرط. والمطلوب المعلق بالشرط ها هنا ليس إلا وقوع الرؤية وحصولها، ولا شك عند حصوله أن موسى عليه الصلاة والسلام لما سأل الرؤية بقوله: رب أرني أنظر إليك. وأجابه الله تعالى بقوله: لان تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني. فعلق الرؤية بأمر غير حاصل، فكان تعليقه للرؤية على ما لم يوجد لبيان نفي وجودها جوابا مطابقا.
Shafi 320