============================================================
الشهيد شح معالمر العدل والتوحيل وثانيهما إيقاع الفعل مطابقا للمنفعة. فإذا تقرر ذلك فنقول: إن فسرتم إحكام أفعال الله تعالى بالوجه الأول امتنع الاستدلال به على العالمية؛ لأن الإحكام بذلك المعنى لا يتحقق الا بعد المواضعة، وأفعال الله تعالى مبتدأة ليست مسبوقة بمواضعة، فلا تكون محكمة بهذا التفسير، وإن فسرتم الإحكام بالمعنى الثاني وهو المطابقة للمنفعة فهو باطل أيضا؛ لأنا نعلم أنه لا يصدر أثر عن مؤثر إلا ويمكن أن ينتفع به منتفع ما باعتبار ما، سواء كان ذلك الفعل صادرا عن العالم أو عن الجاهل، أو كان صادرا عن موجب مثل الإحراق الصادر عن النار والتبريد الحاصل عن الماء، فيبطل أن يكون الإحكام بهذين الوجهين دليلا على العالمية.
ال وجوابه إن كلا الوجهين حاصل في أفعال الله تعالى، فإن في خلق الإنسان وسائر الحيوانات وأجرام الكواكب وأشكالها وأصناف النبات وأنواع الأحجار من التركيب العجيب والتأليف البديع والنظارة المعجبة ما تحار فيه الأفهام وتدهش العقول، وكذلك أيضا ما في خلق الإنسان وتصريف الليل والنهار وجري الكواكب وسيرها من المطابقة لمنافع الخلق والجري على حسب مصالحهم ما لا يحيط بوصفه إلا الله تعالى، فإذا كان البناء والكتابة يدلان على علم فاعلهما وإحكامه لمكان ما فيهما من التأليف ومطابقة المنفعة، فأفعاله تعالى تزيد في الإحكام والمطابقة للمنفعة علمي صناعة البناء والكتابة.
وقد علمنا أن البناء والكتابة يتعذران على من ليس بعالم، فمتى ثبت إحكام أفعاله بهذين الوجهين أو بأحدهما وجب أن يكون عالما. قوله: الفعل إنما يكون محكما إذا تقدمته مواضعة. قلنا: إن مطابقة المواضعة السابقة كما تدل على علم فاعلها، فالأفعال الابتدائية المرتبة المحكمة هي أدل على إحكام فاعلها وعلمه، ألا ترى أن المبتدئ بنساجة ثوب من ديباج لم تسبقه مواضعة يكون أعرب وأدل على علمه من نساجة من سبق بالمواضعة، وأيضا فالمحتذي لا بد وأن يكون عالما بالمواضعة وكيفيتها ليكون متمكنا من إيجاد مثلها.
قوله: في مطابقة المنفعة لا يمكن صدور أثر عن مؤثر إلا وينتفع به بوجه ما. قلنا: الغرض
Shafi 173