137

============================================================

السهيد شح معالمر العدل والتوحيل المسلك الثاني أنه لو صح وجود الفعل من غير داع لصح وجوده مع قيام الصارف، وهذا ينقض حقيقة القادر ويعود بالنقض على ما قد علم بالضرورة، فإن من حق القادر آن يوجد فعله بحسب دواعيه وآن يمتنع وجوده إذا خلص صارفه وإنما قلنا: إنه لو صح وجود الفعل من غير داع لصح وجوده مع قيام الصارف فلأن الفعل إذا كان غير مفتقر إلى الداعي جاز حصوله مع نقيضه وهو قيام الصارف، فلما علمنا استحالة ذلك عرفنا أن الداعي شرط في وجود الفعل، فاستحال حصوله مع نقيضه، وهذا فإن التأليف لما كان مفتقرا إلى المجاورة لم يصح وجوده مع نقيضها وهو الافتراق، ولما لم يكن التأليف مفتقرا إلى السواد كان وجوده مع ضده وهو البياض صحيحا.

المسلك الثالث هو أن من حق القادر أن تتعلق قدرته بالضدين على سواء، على معنى أن كل واحد من مقدوريه صحيح الوقوع في نفسه، وحال هذه الصفة في تعلقها بالضدين على ال سواء، فلولا الداعي لما ترجح وجود أحدهما على الآخر، وهذا هو الفرق بين القادر والموجب، فإن كل واحد من القادر والموجب يصح وجود أثره ولا تقع التفرقة بينهما إلا من حيث أن القادر يفتقر في وقوع أثره إلى الداعي بخلاف الموجب فإنه متى صح أثره ال وجب، ومتى لم يصح استحال، وليس كذلك القادر فإنه متى صح أثره لا يجب كونه مؤثرا لا محالة، بل عند إمكانه يجوز ألا يقع. فحصل من هذا أن التفرقة بين القادر والموجب معلومة بالضرورة، ولا تفرقة إلا من حيث اعتبار الداعي، فيجب أن يكون الداعي معتبرا في وجود الفعل وشرطا فيه.

لا يقال: إن وجه التفرقة بين القادر والموجب هو أن القادر مؤثر على سبيل الصحة والاختيار بخلاف الموجب. لأنا نقول: أما الصحة فقد اشتركا في أن أثر كل واحد منهما صحيح الوقوع، فلا تقع التفرقة بينهما من هذه الجهة. وأما الاختيار فإن لم يفسر بالداعي فلا معنى له، إذكيف تصح تسميته بكونه مختارا لفعله وليس له داع إليه.

Shafi 137