128

============================================================

الشهيد شح معالمر العدل والنوحيل وثالثها حسن طلب الإنسان من غيره فعلا من أفعاله التي هو قادر عليها طلب عالم كونه موجدا له يتمكن من تحصيله، وهذا تعجب العقلاء من امتناعه مع القدرة عليه، ويعللون ذلك بامتناعه ويعلمون أنه لو شاء لفعل. وهلم جرا إلى تمام التقرير الذي حكيناه عن أبي الحسين، لكن الفرق بين الطريقتين أن أبا الحسين يجعل العلم بكون العبد موجدا لأفعاله أصلا للعلم بهذه الأمور من الأمر والنهي والمدح والذم.

وأصحاب أبي هاشم يجعلون العلم بهذه الأمور أصلا للعلم بكونه موجدا لأفعاله، وهذه الطريقة ضعيفة من وجهين: الأول من حيث الاستدراك وهو أنكم قلتم في نظم دليلكم: وجوب حصول الفعل عند الدواعي ووجوب ألا يحصل عند حصول الصوارف. مع أن ذكر أحد الأمرين كاف في حصول المطلوب؛ لأنه لو ثبت وجوب حصول الفعل عند حصول الدواعي وثبت أن ما يجب حصوله عند حصول شيء آخر فإنه يجب أن يكون المؤثر فيه ذلك الشيء الآخر فيلزم من هذا القدر أنه إذا وجب حصول الفعل عند الدواعي يجب ألا يحصل عند فقدها، وإلا لم يكن لتعليقه بها فائدة، فيلزم ألا يكون لذكر الصوارف معنى لاستحاله على الزيادة من غير فايدة، وهو باطل: والثاني من حيث التحقيق، وهو أنكم إذا ادعيتم وجوب حصول الفعل عند حصول الدواعي واستحالة حصوله عند تحقق الصوارف، ولا شك أن تلك الدواعي والصوارف أفعال الله تعالى أو مستندة إلى أفعاله، وهذا يبطل مذهبكم بالكلية؛ لأن الله تعالى إذا فعل تلك الدواعي والصوارف وجب حصول ذلك الفعل شاء العبد آم أبى، وإذا لم يفعل فيه تلك الدواعي استحال حصول الفعل لا محالة، وعند ذلك يكون تكليف العبد بها تكليفا بما ليس مقدورا له. وأيضا فليس في هذا الاستدلال على طوله إلا وقوف الفعل على حسب الدواعي، وليس يلزم من هذا القدر كون قدرة العبد مؤثرة في فعله، فمن الجائز أن يكون

Shafi 128