وبدخول القوم في الإسلام اتسع الأفق المصري، وامتد إلى محيط دار الإسلام. وما ثقافة مصر - في عهد الإسلام - إلا الثقافة الإسلامية معدلة، لتلائم ظروف مصر، وهنا حدث فعلا تكافؤ بين الاستمرار وبين التغير، ولم نشهد رجحان كفة مبدأ التغير إلا عند استهلال القرن التاسع عشر، وبدء الاتصال بالغرب.
وبعد، فماذا نقول بعد أن لازمنا نواة الحضارة المصرية خلال عصور التطور والتبدل المتعاقبة، نقول: إننا نستطيع أن نقدر مدى تأثر عقل المصري وإرادته. ولكن، ما الحكم على رفيق العقل والإرادة المستقر في أعماق النفس؟
سؤال ليس له من مجيب.
الحكومة والمجتمع في مصر
قد عرف المجتمع بأنه: «نسيج من العلاقات الإنسانية المتداخلة أو المتفاعلة بعضها مع بعضها الآخر.» وعرفت الحكومة بأنها: «ممارسة السلطة من جانب صاحب السلطان، ووكلائه أو مندوبيه؛ لتنظيم تلك العلاقات أو التفاعلات في مجتمع ما.» وهناك ارتباط وثيق بين أوضاع الحكم وأغراضه في مجتمع معين، وبين ما يعتنقه أعضاؤه من آراء ومعتقدات عن أصل مجتمعهم، فإذا اعتقد قوم - مثلا - أن مجتمعهم هو من صنع الآلهة، عندئذ يكون للآلهة أو سلالة الآلهة السلطان الأعلى عليهم، ويكون زمام الحكم في أيديهم.
تلك كانت عقيدة قدماء المصريين عن أصل مجتمعهم، وهكذا كان السلطان والحكم في أيدي الملوك الآلهة، وسادت في مصر بعد اعتناق أهلها المسيحية مذاهب أخرى، وتغيرت - تبعا لذلك - مدلولات كلمتي المجتمع والحكومة.
ومنذ سنوات وضع الأستاذ «ديبوار بشار» - من أساتذة كلية الحقوق بالجامعة المصرية - بحثا ممتعا، مثيرا للتأمل، في موضوع: «تطور الحكم وأصوله في مصر، منذ أقدم عصورها»، ونشره له المعهد المصري، وقد فرق الأستاذ «ديبوار بشار» بين أطوار ثلاثة:
أولها:
ظهور حكومة الملوك الآلهة، سواء الفراعنة الأصليون، أو خلفاؤهم البطالمة المقدونيون والقياصرة الرومان.
وثانيها:
Shafi da ba'a sani ba