فصل:[العجب]
والعجب: مسرة بحصول أمر يصحبها تطاول على من لم يحصل بقول أو ما في حكمه من فعل أو ترك أو اعتقاد، وقد ورد الشرع بتحريمه في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو أعظم من ذلك) ، حتى قيل أنه من محبطات الطاعة، والإجماع على قبحه، ومنه ما روى أن بعض الصحابة رضي الله عنهم يوم غزوة حنين رأى جنود المسلمين فقال: ( لن نؤتى اليوم من قلة ) فقال تعالى: ?ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا?[التوبة:25]، الآية، فتضمن كلامه التطاول بكون جندهم أكثر من جند خصومهم الذين خرجوا لقتالهم مع ما حصل له من المسرة بذلك والقصة مشهورة.
فرع: والقبيح في التحقيق إنما هو أمران يصحبان المسرة، أحدهما: قول أو فعل يوهم التطاول، والفخر على من لم يحصل له مثل ذلك. وثانيهما: أن يعتقد أنه يستحق لأجل ذلك المحصول أن يعظمه الناس أو منزلة رفيعة عند الله تعالى على سبيل القطع، فيؤول إلى الكبر حينئذ، فأما مجرد المسرة فلا يمكن دفعها، فلا قبح فيها.
فرع: ولا فرق بين أن تكون تلك الخصلة التي حصل بها الاعجاب إضطرارية كجمال، أو فصاحة، أو كثرة عشيرة، أو مال، أو بنين، أم إختيارية كإقدام، أو كثرة علم، أو طاعة، أو نحو ذلك، فإن العجب بذلك كله قبيح شرعا، ولا أعرف فيه خلافا، ومنه ماحكاه الله سبحانه من قول فرعون:?أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي?[الزخرف:51]، متطاولا بذلك على موسى عليه السلام حيث لم يحصل له مثله، ونظائر ذلك كثيرة.
Shafi 30