بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين. قال الشيخ الفقيه الإمام القاضى العالم الفاضل أبو عبد الله محمد بن علي بن خضر بن هارون الغساني :
الحمد لله متمم النعم والإحسان ومعلم الحكم للإنسان المطلق، من عقال الجهل والمنطق بالمقال الصعب والسهل، الذى نور بكتابه القلوب وأنزله بأوجز لفظ وأعجز أسلوب، فجمع فيه علم من مضى من الأمم وعبر، وأبدع في الوصف عن كل قصة واقعة فيه وخبر، فعلومه شتى، وكل مطلوب من المعارف به يتيسر ويتأتى، فتفاوتت فيه الأذهان، وتسابقت في النظر فى معانيه مسابقة الرهان، فمن سابق بفهمه وراشق كبد الرمية بسهمه، وآخر رمى فأشوى وخبط في النظر عشواء، وكل ذلك بتوفيقه تعالى وتقديره، وتسهيله وتيسيره .
والصلاة على محمد رسوله المخصوص بالطهارة المنصوص على إرساله إلى الناس كافة بالبشارة والنذارة، المعروفة أمته بالتغرير والتحجيل ، (1) الموجودة صفاته وأسماؤه مكتوبة في التوراة والإنجيل ، المسمى بالرءؤف الرحيم، الآخذ يحجز الأمة وهي تتهافت في الجحيم، الذي أوجب الله تعالى الاقتداء به والائتمام ، وضرب عليه السلام مثله ومثل الأنبياء قبله بالبنيان الناقص فكان هو لبنة التمام، وعلى آله صلاة متصلة بالبقاء والدوام، مترددة عليه وعلى أصحابه البررة الكرام ، ما سجع الحمام وانتجع (2) الروض الغمام ، وسلم تسليما .
أما بعد :
فإن أول ما وجب الدؤب عليه، وصرف عنان النظر إليه : كتاب الله تعالى الذى هو العصمة الواقية والنعمة الباقية والحجة البالخة، والدلالة الدامغة، الذى حتوى على علم الأولين والآخرين، وحفظ من إبطال الملحدين وإفساد الساحرين .
فهو العروة التى لا تفصم، والحبل الذي من تمسك به يمنع ويعصم، وإن
Shafi 17