Tajrid
شرح التجريد في فقه الزيدية
Nau'ikan
فإن قيل: فإن الله قد أباح لنا أن نأكل ما عض الكلب عليه من الصيد بقوله: {فكلوا مما أمسكن عليكم} الآية، فثبت بذلك أن ما عض عليه الكلب لا يصير نجسا، وإذا ثبت أن ذلك لا يصير نجسا، ثبت أن سؤره أيضا لا يصير نجسا؟
قيل له: إن ذلك لا يدل على أنه لا يجب غسل ما عض عليه الكلب، كما أنه لا يدل على أنه لا يجب غسله مما عليه من الدم، ألا ترى أن الله تعالى أباح أكل ما ذكيناه، بقوله: {إلا ما ذكيتم}؟ وهذا لا يدل على أنه لا يجب أن يغسل موضع التذكية مما عليه من الدم.
فإن قيل: روي عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، قال: سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عن الحياض بين مكة والمدينة، تردها الكلاب والسباع. فقال: (( لها ما أخذت في بطونها، وما بقي فلنا طهور )).
قيل له: هذا وارد في الحياض العظيمة، وقد بينا ما نذهب إليه في المياه الكثيرة، بما لا طائل في إعادته، على أن هذا الخبر لو عارض سائر ما ذكرناه من الأخبار لكانت أخبارنا أولى لكونها حاظرة.
فإن قيل: الأمر بتكرير الغسل منه يدل على أن المراد به التعبد؟
قيل له: ذلك غير واجب، بل أولى من ذلك أن نقول: إنه يدل على تغليظ نجاسته.
فأما الخنزير فالخلاف في نجاسته مما ليس بظاهر، وقد دل عليه صريح قوله تعالى: {أو لحم خنزير فإنه رجس}، والرجس في كلام العرب فهو(1): النجس، وإذا ثبت نجاسته بنص الكتاب، ثبت نجاسة سؤره، وليس لأحد أن يقول: إن اللحم هو المراد بقوله: {فإنه رجس} دون الخنزير؛ لأن من حكم الكناية أن يرجع إلى أقرب مذكور، ألا ترى أنه لا التباس فيه إذا طال الكلام، فكذلك إذا قصر.
فصل [ عدد الغسلات من ولوغ الكلب ]
لم ينص يحيى عليه السلام على عدد الغسلات من ولوغ الكلب، وكان أبو العباس الحسني رضي الله عنه يخرج ذلك على الثلاث، وكذلك كان يقول في إزالة سائر النجاسات التي لا أثر لها.
Shafi 38