ولو روينا الخبر المتصل بنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من جميع الجهات على(1) ألسن الرواة الذين اتسق سندهم إلينا، ولم يضطرب عندنا ولدينا، ومن اضطرب سنده، أو شذ عن الجماعة، أو خالف بعضا ووافق بعضا، ومن(2) طعن في سنده، ومن وضع الأخبار على ألسن الرواة، ومن دلس في كتبهم عليهم من الملحدة وغيرهم، ومن انقطع سنده، ومن رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أو إلى إمام من أئمة المسلمين، ومن قلد الرواة، وكذا في تقسيم الأخبار، لخرجنا عن طريقه ما أردناه، ولتوخينا(3) فيه غير ما نويناه، لكن غرضنا الإختصار في هذا الكتاب، وقلة التطويل والإسهاب.
ولعل قائلا من أصحابنا يقول: وما الغرض في نقل الأخبار عن المخالفين؟ ولو علم من ذلك ما علمناه؛ لسر في مجالس النظر بما حصلناه ونقلناه، لكنه رضي لنفسه بالجهل، فعدل عن سبيل أهل الفضل، فاقتصر على طرف من الفقه أخذه عن مثله، وظن أنه على شيء بجهله، يخطئ مخالفيه، ويصوب موالفيه(4)، ولا يدري أخطاؤهم في أصل أو فرع، أو فيما يوجب التكفير أو القدح(5)، أو الخروج عن الملة، والشذوذ عن الجملة، إن خاض في الفقه ارتطم، وإن طلب منه دليل على ما يقول استبهم، يزري بأهل مقالته، ولا يدري بعظيم جهالته، ولو اعتذر لعذر، أو تعلم لشكر.
ولو روينا الحديث الواحد عن راو واحد، لم نشغل به كتبنا، ولا سطرناه لأهل نحلتنا، وإن كان ذلك جائزا على أصلنا، ويقول به جميع أصحابنا، حتى نعلمه صحيحا عن جماعة من الرواة، ونتحققه مسندا عن الثقات، وسنفرد لها إن يسر الله تعالى كتابا يرجع في معرفتها إليه، ويعتمد في صحتها عليه، لينتفع به الناظر، ويرتفع به في الملأ المناظر، وبالله نستعين، وعليه نتوكل في كل وقت وحين.
Shafi 2