============================================================
الأول من تجريد الأغانى هل ترى هذه الشجرة فوق الشرف ؟(1) قلت : نعم . قالت : فإن الشمس غربت أمس وهى تطيف حولها، ثم حال الليل بينى و يينها . فقمت وجزيتها الخير، وقلت: والله لقد تغديت ورويت. فخرجت حتى أتيت الشجرة، فأطفت بها ، فوالله ما رأيت من أثر . فأتيت صاحبى فإذا هو متشح فى الإبل بكسائه ورافع عقيرته يغنى، فقلت : السلام عليك . قال : وعليك السلام ، ماوراءك؟ قلت : ماوراتى من شىء . قال : لا عليك، فأخبرنى بما فعلت . فاقتصصت عليه القصة حتى اتتهيت إلى ذكر المرأة وأخبرته بالذى صنعت . فقال : قد أصبت طلبتك .
فعجبت من قوله وأنا لم أجد شيئا . ثم سألنى عن صفة الإناءين : الصحفة والقدح.
فوصفتهما له . فتنفس الصعداء وقال : أصبت طلبتك، ويحك! ثم ذكرت له الشجرة وأنها رأتها تطيف بها . فقال : حسبك ! فمكثت حتى إذا أوت إبلى فى مباركها دعوته إلى العشاء . فلم يذق منه وجلس منى بمزجر الكلب. (3) فلما ظن أنى قدنمت رمقته، فقام إلى عيبة له فأ ستخرج منها بردين فاتزر (3) بأحدها وتردى بالآخر، ثم انطلق عامدا نحوالشجرة . واستبطنت الوادى وجعلت أخفى نفسى، حتى اذاخفت أن يرانى أنبطحت . فلم أزل كذلك حتى سبقته إلى شجرات قريب من تلك الشجرة حيث أسمع كلامهما ، فاستترت بهن ، فإذ صاحبته عند الشجرة : فأقبل حتى إذا كان منها غير بعيد . فقالت : أجلس . فوالله لكآنه لصق بالارض.
فسلم عليها وسألها عن حالها أكرم سؤال سمعت به وأبعده من كل ريبة . وسألته مثل مسألته . ثم أمرت جارية معها فقر بت إليه طعاما . فلما أكل وفرغ منه ، قالت : أنشدنى ما قلت . فأنشدها : علقت الهوى منها وليدا فلم يزل إلى اليوم ينمى حبها ويزيد فلم يزالا يتحدثان ، ما يقولان فحشا ولا هجرا ، حتى ألتفتت ألتفاتة ، (1) الشرف : المكان العالى ، (2) بمزجر الكلب ، اى غير بعيد، (3) فاتزر، مثل : فأتزر، أدغمت الهمزة فى التاء
Shafi 299