Gwaninta Mata
التجربة الأنثوية: مختارات من الأدب النسائي العالمي
Nau'ikan
أنزلها أمام منزلها قائلا إنه يسعده أن تتناول معه طعام العشاء. ترددت ثم وافقت. سيتقابلان إذن في المساء التالي أو على الأصح مساء اليوم نفسه. صعدت إلى مسكنها وهي تفكر في أنهما لن يجدا حديثا يتبادلانه وبدأت فكرة الأمسية القادمة تثير ضجرها. ألفت ابنها نائما في حجرة أشبه بكهف حيوان صغير، فقد كانت تنبعث منها رائحة النوم الصحي. سوت الأغطية من فوقه، وجلست ترقب الوجه المتورد الصغير في ضوء الفجر. فكرت: إنه من طراز أمريكي. لكن الأمريكي يثير نفوري جسديا. ومع ذلك لا أكرهه.
مضت إلى فراشها، ولأول مرة منذ ليال كثيرة لم تستجلب ذكرى بول. كانت تفكر في أربعين شخصا، اعتبروا أنفسهم في عداد الموتى، يرقدون الآن أحياء في أنحاء مختلفة من المدينة.
أيقظها ابنها بعد ساعتين متوهجا بمفاجأة عودتها. كانت لا تزال في عطلتها لهذا لم تغادر المنزل إلى المكتب، وقضت اليوم بمفردها تنظف وتطبخ وتعيد ترتيب المسكن وتلعب مع الصبي عندما عاد من المدرسة. وفي المساء اتصل بها الأمريكي، الذي تبين أنه يدعى «ساي ميتلاند»، ليسألها عن المكان الذي تحب أن تتناول العشاء فيه. ذكرت له اسم مطعم، ثم وضعت جانبا الرداء الذي اختارته من قبل للمساء. وكان ثوبا من طراز جريء لم تكن تجرؤ على ارتدائه مع بول، وصارت ترتديه منذ ذلك الحين في تحد. ارتدت الآن جوبة وبلوزة. وراعت أن تبدو في صحة جيدة وليس كامرأة ذات شخصية.
كان ميشيل جالسا في فراشه وسط المجلات المصورة: «لماذا تخرجين وقد عدت للتو من الخارج؟» أجابته مبتسمة: «لأني أود ذلك.» كان يجلس منتصبا متورد الوجنتين، شديد الثقة بنفسه وعالمه في هذا المنزل. «لماذا عدلت عن الثوب الذي اخترته أول الأمر؟» أجابته: «قررت أن أرتدي هذا بدلا منه.» قال ابن التاسعة في عظمة: «يا للنساء وملابسهن!»
وجدت ساي ميتلاند في انتظارها بالمطعم، منتعشا، متوثبا حيوية، لا يشوب عينيه الزرقاوين الصافيتين أثر من عدم النوم. شعرت وهي تجلس إلى جواره بالتعب: «ألا يغلبك النعاس أبدا؟» قال على الفور بلهجة المنتصر: «لا أنام أكثر من ثلاث أو أربع ساعات في الليلة.» «لماذا؟» «لأني لن أبلغ ما أريد إذا أضعت الوقت في النوم.» قالت: «حدثني عن نفسك ثم أحدثك عن نفسي.» قال: «هذا حسن.» وطلب أكبر قطعة ستيك في المحل مع كوكاكولا وعصير طماطم، وعزف عن البطاطس لأنه يريد أن يفقد جانبا من وزنه. سألته: «ألا تشرب الخمر أبدا؟» «أبدا، عصير الفاكهة فقط.» قالت: «أخشى أنك ستأمر لي بنبيذ.» «بسرور.» وطلب زجاجة من أفضل الأنواع. «الآن إلي بقصة حياتك.»
ولد فقيرا لكنه كان يتميز بالذكاء فحملته المنح الدراسية والجوائز إلى حيث أراد. جراح للمخ، وزواج ممتاز وخمسة أطفال. مركز ومستقبل عظيمان، قالها بنفسه. وكان زهوه بنفسه بسيطا طبيعيا بالنسبة إليه حتى بدا أبعد ما يكون عن الزهو. وسرعان ما انتقلت حيويته إلى إيللا فنسيت أنها متعبة. وعندما قال إن الوقت قد حان لتحدثه عن نفسها، أجلت ما أدركت الآن أنه سيكون محنة. لسبب واحد. فقد خطر لها أن حياتها لا يمكن وصفها بسلسلة متتابعة من البيانات: كان أبواي كذا وكذا، عشت في هذا المكان وذاك، أعمل كذا وكذا. سبب آخر: أدركت أنها مالت إليه، وأزعجها هذا الاكتشاف. فعندما وضع يده البيضاء الكبيرة على ساعدها، شعرت بنهديها يرتفعان وابتل فخذاها. لم يكن بينهما شيء مشترك، ولم يكن بوسعها أن تتذكر مرة واحدة في حياتها، شعرت فيها باستجابة جسدية لرجل لم يكن قريبا إليها بصورة ما. كانت تستجيب دائما لنظرة، لابتسامة، لنغمة صوت، لضحكة. أما هذا الرجل فلم يكن غير متوحش ذي صحة جيدة، وها هي ترغب في مشاركته الفراش. شعرت بالضيق، مثلما كان شعورها عندما كان زوجها يحاول إثارتها على الرغم منها، بالمداعبات الجسدية، مما انتهى بها إلى البرود.
قال الأمريكي: «لدي اقتراح. أمامي نحو عشرين مكالمة هاتفية، وأريد أن أقوم بها من فندقي. تعالي معي. سأقدم لك شرابا، وعندما أنتهي من مكالمتي، تحدثينني عن نفسك.» وافقت ثم تساءلت عما إذا كان سيفسر هذا القبول، بأنه استعداد للذهاب معه إلى الفراش. لم يبد عليه شيء من ملامح هذا الشعور. وخطر لها فجأة أنها، على غير عادتها مع الرجال الذين تلتقي بهم في عالمها، لم يكن بوسعها أن تحدس ما يدور في ذهن هذا الرجل. وإذا كان هذا شأنها، لا بد أنه بالمثل لا يعرف شيئا عنها، لا يعرف مثلا أن حلمتي ثدييها، في هذه اللحظة، ملتهبتان.
في غرفته بالفندق، قدم لها كأسا من الويسكي ثم جذب الهاتف إليه وأجرى، كما ذكر من قبل، نحو عشرين مكالمة، وهي عملية استغرقت نصف ساعة. وسمعته يرتبط بعشرة مواعيد على الأقل في الغد، تضم أربع زيارات لمستشفيات لندن المعروفة. وعندما انتهى أخذ يذرع الغرفة في توثب ويهتف: «يا للمجد! أشعر بأني في أحسن حال!»
سألته: «لو لم أكن هنا، ماذا كنت تفعل؟» أجاب: «أعمل.» كان ثمة كوم كبير من المجلات الطبية إلى جوار الفراش. «هل تقرأ شيئا خارج مجال عملك؟» ضحك وقال: «كلا. زوجتي هي التي تهتم بالثقافة. أما أنا فلا وقت لدي.» «حدثني عنها.» فأخرج على الفور صورة لشقراء جميلة ذات وجه طفولي محاطة بخمسة أطفال: «يا إلهي! أليست جميلة؟ إنها أجمل فتاة في المدينة كلها!» «أهذا هو سبب زواجك منها؟» «بالطبع» ثم تبين لهجة سؤالها فضحك معها من نفسه وقال وهو يهز رأسه كأنما يعجب لنفسه: «بالطبع! قلت لنفسي سأتزوج أجمل وأرقى فتاة في البلدة وقد فعلت.» سألته: «هل أنت سعيد؟» أجاب على الفور بحماس: «إنها فتاة عظيمة. ولدينا خمسة أطفال. كنت أود لو كانت لدي طفلة، لكن الأولاد ممتازون. أتمنى لو أتيح لي مزيد من الوقت أقضيه معهم، فعندما أفعل أشعر بالسعادة.»
كانت تفكر: لو وقفت الآن وقلت إني ذاهبة، لوافقني دون أن يحمل أية ضغينة. ربما أراه مرة أخرى. وربما لا. فلن يعبأ أحدنا. لكن يجب أن أتولى القيادة الآن لأنه لا يعرف ماذا يفعل بي. يجدر بي الذهاب .. لكن لماذا؟ بالأمس فقط قررت أنه مما يدعو للسخرية أن تنطوي جوانح نساء مثلي على عواطف لا تتلاءم مع نوع الحياة التي يعشنها. لو رجل في الموقف الراهن، ذلك النوع من الرجال الذي أود أن أكونه لو كنت ولدت رجلا، فإنه سيأوي إلى الفراش ولا يفكر في الأمر.
Shafi da ba'a sani ba