بغداد، واشتغل بها على الكيا أبي الحسن علي الهرَّاسي في الفقه، وعلى الخطيب أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي باللغة، وروى عن أبي محمد جعفر بن السراج وغيره من الأئمة الأماثل، وجاب البلاد، وطاف الآفاق، ودخل ثغر الإسكندرية سنة ٥١١ في ذي القعدة، وكان قدومه إليه في البحر من مدينة صور، وأقام به، وقصده الناس من الأماكن البعيدة، وسمعوا عليه، وانتفعوا به، ولم يكن في آخر عمره مثله.
وبنى له العادل أَبو الحسن، عليُّ بن السلار وزيرُ الظافر العبيدي صاحبِ مصر في سنة ٥٤٦ مدرسةً بالثغر المذكور، وفوضها إليه، وهي معروفة به إلى الآن.
قال ابن خلكان: وأدركت جماعة من أصحابه بالشام والديار المصرية، وسمعت عليهم، وأجازوني، وأماليه وتعاليقه كثيرة؛ والاختصار بالمختصر أولى.
وكانت ولادته سنة ٤٧٢ تقريبًا بأصبهان، وتوفي ضحوة نهار الجمعة، وقيل: ليلة الجمعة خامس شهر ربيع الآخر سنة ٥٧٦ بثغر الإسكندرية، ودفن في وعلة، وهي مقبرة داخل السور عندا الباب الأخضر، فيها جماعة من الصالحين؛ كالطرطوشي، وغيره.
قلت: وجدت العلماء المحدِّثين بالديار المصرية، من جملتهم الحافظُ زكي الدين أَبو محمد، عبد العظيم بن عبد القوي المنذري محدثُ مصرَ في زمانه يقولون في مولد الحافظ السلفي هذه المقالة، ثم وجدت في كتاب "زهر الرياض المفصح عن المقاصد والأغراض" تأليف الشيخ جمال الدين أبي القاسم، عبدِ الرحمن بن أبي الفضل، عبد المجيد بن إسماعيل بن حفص الصفراوي الاسكندري: أن الحافظ أبا طاهر السلفيَّ المذكور، وهو شيخه، كان يقول: مولدي بالتخمين - لا باليقين - سنة ٤٧٨، فيكون مبلغ عمره على مقتضى ذلك ثمانيا وتسعين سنة. هذا آخر ما قاله الصفراوي المذكور.
ورأيت في تاريخ الحافظ محب الدين محمد بن محمود، المعروف بابن
1 / 22