أسفل المصباح القوسي ذي الرذاذ الوردي والبنفسجي أخضر الحواف، مر الرجل الذي يرتدي بذلة بنقشة مربعة بفتاتين. كانت الفتاة الأقرب له ذات وجه بيضوي وشفتين ممتلئتين، وكانت عيناها حادتين كطعنات سكين. سار بضع خطوات، ثم استدار وتبعهما متلمسا ربطة عنقه الجديدة المصنوعة من الساتان. حرص على تثبيت دبوس الألماس على شكل حدوة حصان في مكانه. مر بهما مجددا. كانت قد أدارت وجهها. ربما كانت ... كلا، لا يمكنه القول. من حسن حظه أنه كان معه 50 دولارا. جلس على المقعد وتركهما تمران عليه. لن يرتكب خطأ ويعرض نفسه لإلقاء القبض عليه. لم تلحظاه. تبعهما في الطريق وخارجه إلى سنترال بارك. كان قلبه يخفق. سأعطي مليون دولار ل ... معذرة ، ألست الآنسة أندرسون؟ أسرعت الفتاتان الخطوات. وقد غابتا عن ناظريه وسط الحشد العابر لدوار كولومبوس. أسرع في برودواي مارا بمربع سكني تلو الآخر. بحث عن تلك الممتلئة الشفتين، ذات العينين الحادتين كطعنات السكين. حملق في وجوه الفتيات يمنة ويسرة. أين عساها أن تكون قد ذهبت؟ أسرع الخطى في برودواي. •••
كانت إلين تجلس بجوار والدها على مقعد في باتري بارك. كانت تنظر إلى حذائها البني ذي الأزرار. لامس شعاع من ضوء الشمس حافة الحذاء وكل زر من أزراره الصغيرة المستديرة عندما هزت قدميها من أسفل ظل فستانها.
كان إد تاتشر يقول: «فكري كيف سيكون الذهاب للخارج على إحدى هذه العبارات. تخيلي عبور المحيط الأطلسي العظيم في سبعة أيام.» «ولكن يا أبي، ما الذي يفعله الناس طوال ذلك الوقت في البحر؟» «لا أعلم ... أظنهم يسيرون في أنحاء المركب ويلعبون لعبة الورق ويقرءون وما إلى ذلك. ثم يرقصون.» «يرقصون في المركب! أظن أنه سيكون رقصا بشعا على رءوس أصابع أقدامهم.» قهقهت إلين. «يفعلون ذلك في العبارات الحديثة الكبيرة.» «لماذا لا نذهب يا أبي؟» «ربما سنذهب يوما ما عندما أدخر المال.» «أوه يا أبي، فلتسرع وتدخر الكثير من المال. والدة ووالد أليس فون يذهبان إلى جبال وايت كل صيف، ولكنهما سيذهبان في الصيف القادم إلى الخارج.»
نظر إد تاتشر عبر الخليج الذي امتد في أفق أزرق رقراق إلى داخل السديم البني في اتجاه المضيق. وقف تمثال الحرية ضبابيا كالسائر أثناء نومه وسط الدخان الملتف لزوارق القطر، وصواري المراكب الشراعية، والكتل المتثاقلة الفجة لعبارات الطوب وصنادل الرمال. أشرقت الشمس الساطعة في كل مكان بضوئها الأبيض على شراع أو على هيكل علوي لباخرة. وتنقلت العبارات الحمراء جيئة وذهابا. «لماذا نحن لسنا أغنياء يا أبي؟» «هناك الكثير من الناس أكثر فقرا منا يا إيلي ... لن تحبي أباك أكثر من ذلك لو كان غنيا، أليس كذلك؟» «أوه، نعم، كنت سأحبك أكثر يا أبي.»
ضحك تاتشر. «حسنا، قد يتحقق ذلك في يوم من الأيام ... ما رأيك في شركة إدوارد سي تاتشر آند كو، محاسبون معتمدون؟»
قفزت إلين واقفة، وقالت: «أوه، انظر إلى ذلك القارب الكبير ... ذلك هو القارب الذي أريد أن أسافر فيه.»
نعق بجوارهما صوت بلكنة كوكنية: «ذلك قارب «هارابيك».»
قال تاتشر: «أوه، هل هذا صحيح؟»
بحماس أوضح رجل مهترئ الحال مزعج الصوت كان يجلس على مقعد بجوارهما: «بالفعل يا سيدي، أجمل سفينة في البحر يا سيدي.» سحبت لأسفل قبعة ذات حافة مكسورة من الجلد اللامع فوق وجه شاحب صغير خرجت منه رائحة ضعيفة من شراب الويسكي. «نعم يا سيدي، إنه «هارابيك» يا سيدي.» «يبدو أنه قارب كبير وجيد بالتأكيد.» «إنه أحد أكبر القوارب يا سيدي. لقد أبحرت على متنه أكثر من مرة، وعلى متن «ماجيستيك» و«تيوتونيك» أيضا يا سيدي، كلاهما قوارب جيدة، رغم أنني أصاب بدوار البحر بعض الشيء كما قد ترى. لقد عينت مضيفا في شركتي هينمان ووايت ستار لاين البحريتين طوال الثلاثين عاما الماضية، والآن أنزلوني من على متن سفنهم في عمري هذا.» «أوه، كلنا يعاني سوء الحظ أحيانا.» «وبعضنا يعاني منه طوال الوقت يا سيدي ... كان بإمكاني أن أكون رجلا سعيدا يا سيدي لو كان باستطاعتي الرجوع إلى بلدي القديم. هذا ليس مكانا لرجل هرم، إنه للشباب والأقوياء، هذا كل ما هنالك.» مد يده الملتوية من أثر النقرس عبر الخليج وأشار إلى التمثال. «انظر إليها، إنها تنظر صوب إنجلترا.»
همست إلين مرتجفة في أذن والدها: «هيا لنذهب يا أبي. هذا الرجل لا يعجبني.» «حسنا، سنذهب ونلقي نظرة على أسود البحر ... يوما سعيدا.» «ألا يمكنك أن تعطيني ثمن كوب من القهوة يا سيدي؟ فأنا معدم للغاية.» وضع تاتشر دايم في يده المتسخة المكورة كمقبض الباب. «ولكن يا أبي، لقد قالت أمي لا تدع الناس أبدا يتحدثون معك في الشارع، وأن تنادي على الشرطة إذا فعلوا ذلك، وأن تجري بأقصى سرعة من أولئك الخاطفين المرعبين.» «لا خطر علي من الخطف يا إيلي. ذلك فقط للفتيات الصغيرات.» «هل سأستطيع أن أتحدث مع الناس في الشارع هكذا عندما أكبر ؟» «لا يا عزيزتي، لن تستطيعي فعل ذلك.» «هل كنت سأستطيع لو كنت ولدا؟» «أظن ذلك.»
Shafi da ba'a sani ba