واصلت إلين ما تفعله. فانقض عليها تاتشر من فوق كرسي البيانو وأوقفها وهي تتلوى وتضحك فوق ركبته. «يجب أن تنتبهي دائما يا إلين عندما تتحدث أمك إليك، ويجب ألا تكوني مخربة يا عزيزتي. إن صناعة تلك الجريدة تكلف الكثير من المال، ويعمل فيها أشخاص كثيرون، وقد خرجت لشرائها ولم أنته من قراءتها بعد. إيلي تتفهم الموقف، أليست كذلك؟ نحن نريد بناء في هذا العالم وليس هدما.» ثم واصل عزف «الباركارول» وواصلت إلين الرقص، وكانت تخطو برقة بين الورود على الحقل المشمس المرسوم على السجادة. •••
جلس ستة رجال إلى الطاولة في المكان المخصص لتناول الطعام، وأخذوا يأكلون بسرعة وقبعاتهم على أقفيتهم.
صاح الشاب الجالس في طرف الطاولة، والذي كان يحمل صحيفة في يد وكوبا من القهوة في اليد الأخرى: «جيميني كريكيت! أيمكنك التغلب عليه؟»
قال رجل ذو وجه طويل وخلال أسنان على جانب فمه مدمدما: «أتغلب على ماذا؟» «يظهر ثعبان كبير في الجادة الخامسة ... صرخت السيدات وركضن في جميع الاتجاهات هذا الصباح في الساعة الحادية عشرة والنصف عندما زحف ثعبان كبير خارجا من صدع في بناء ذي جدار يدعم المستودع في الجادة الخامسة وشارع 42 وبدأ يعبر الرصيف ...» «يا لها من قصة مبالغ فيها ...»
قال رجل هرم: «ذلك شيء تافه. عندما كنت صبيا، كنا نذهب لاصطياد طيور الشنقب في بروكلين فلاتز ...»
همهم الشاب وهو يطوي جريدته ويهرع للخارج إلى شارع هدسون، الذي كان مليئا برجال وفتيات يسيرون بهمة في الصباح ذي المسحة القرمزية، قائلا: «يا إلهي! إنها التاسعة إلا الربع.» أحدث احتكاك حدوات أحصنة الجر ذات الحوافر المشعرة وسحق عجلات عربات البيع جلبة صامة للآذان وملأت الجو بغبار كثيف. كانت تنتظره عند باب إم سوليفان آند كو، مستودع ومخزن، فتاة ترتدي قلنسوة مزركشة بالورود، وقد علقت ربطة عنق فراشية خزامية اللون أسفل ذقنها المائل الرشيق. شعر الشاب بفوران يكتسحه من داخله، كزجاجة مياه غازية فتحت لتوها. «مرحبا إيميلي! ... لقد حصلت على ترقية.» «تكاد تتأخر بعض الشيء، أتعلم ذلك؟» «ولكن بحق، لقد حصلت على زيادة دولارين.»
أمالت ذقنها أولا على جانب ثم على الآخر. «لا أهتم.» «تعلمين ما عليك قوله إذا حصلت على ترقية.» نظرت مقهقهة في عينيه. «وما هذه سوى البداية ...» «ولكن بم تفيد 15 دولارا في الأسبوع؟» «عجبا، إنها 60 دولارا في الشهر، وأنا أتدرب على العمل في الاستيراد.» «أيها الأحمق، ستتأخر.» استدارت فجأة وركضت صاعدة الدرج المليء بالقمامة المبعثرة، وأصدرت تنورتها الجرسية الشكل ذات الثنيات صوت حفيف وهي تتحرك من جانب إلى آخر. «يا إلهي! إنني أكرهها. إنني أكرهها.» سالت دموع حارة في عينيه، ومشى بسرعة في شارع هدسون إلى مكتب وينكيل آند جوليك، مستوردون من غرب الهند.
كان سطح القارب بجوار الرافعة الأمامية دافئا ومبللا بالماء المالح. كانوا ممددين جنبا إلى جنب في قماش الدنيم المشحم يتحدثون خاملين في همس، وآذانهم تملؤها رغوة المياه المندفعة من شق المقدمة المستديرة للعبارة بقوة عبر الأمواج الرمادية المخضرة العالية لتيار الخليج.
بمزيج من الفرنسية والإنجليزية: «يمكنني أن أقول لك يا سيدي الهرم إن نيويورك تصيبني بالجنون ... في اللحظة التي نرسو فيها سأذهب إلى اليابسة وسأظل عليها. لقد سئمت حياة الكلاب هذه.» كان خادم المركب ذا شعر أشقر ووجه بيضوي سمني متورد، وسقط عقب سيجارة منطفئة من بين شفتيه عندما تحدث. قال بالفرنسية: «تبا!» بحث عنه حيث تدحرج على سطح القارب. لقد أفلت من يده وقفز في مصارف المياه.
قال الصبي الآخر الذي كان مستلقيا على بطنه راكلا زوجا من الأقدام المتسخة لأعلى في ضوء الشمس الخافت: «دعه. فلدي الكثير. سيرجعك القنصل إلى المركب.» «لن يمسك بي.» «وماذا عن خدمتك العسكرية؟» «فلتذهب مع المركب إلى الجحيم. ولتذهب معهما فرنسا كذلك.» «أتريد أن تصبح مواطنا أمريكيا؟» «لم لا؟ فللمرء الحق في اختيار بلده.»
Shafi da ba'a sani ba