قال ذلك واتجه ناحية الشرطي وصاح: يا شاويش!
كرر النداء أربعا حتى انتبه إليه الرجل؛ فقطب متنحنحا، فأشار إليه يستدعيه قائلا: من فضلك يا شاويش!
نظر الشرطي إلى المطر متسخطا، ثم حبك المعطف حول جسمه، ومضى نحوهم مسرعا حتى وقف تحت المظلة، تفحصهم بقسوة متسائلا: ما شأنكم؟ - ألم تر ما يحدث في الطريق؟
لم يحول عينيه عنهم، وقال: كل من كان في المحطة استقل سيارته إلا أنتم، فما شأنكم؟ - انظر إلى هذا الرأس الآدمي. - أين بطاقاتكم؟
ومضى يتحقق من شخصياتهم وهو يبتسم ابتسامة ساخرة قاسية، ثم سألهم: ماذا وراء اجتماعكم هنا؟
تبادلوا نظرات إنكار، وقال أحدهم: لا يعرف أحدنا الآخر. - كذبة لم تعد تجدي.
تراجع خطوتين، سدد نحوهم البندقية، أطلق النار بسرعة وإحكام؛ تساقطوا واحدا في إثر الآخر جثة هامدة، انطرحت أجسادهم تحت المظلة، أما الرءوس فتوسدت الطوار تحت المطر.
النوم
هذه النخلة الوحيدة في الفناء الترب تذكر بحوش قرافة. يجرى ذلك في خاطره كلما مر عبر الفناء إلى باب البيت الخارجي، واعترضه صاحب البيت وهو يرش الأرض بالخرطوم، ناداه قائلا: أستاذ.
اللعنة! أبغض يوم عنده يوم يصبح على وجهه. عجوز ناعم، يفتر فوه أحيانا عن ابتسامة كشق في لحاء شجرة. - أنت شاب وحيد ولكنك مهذب طيب السمعة، لا شكوى من ناحيتك؛ فبالله ما معنى الجلسات التي تعقد في شقتك لتحضير الأرواح؟ - هل أستجوب عما يدور داخل شقتي؟ - نعم، إذا امتد أثره إلى من حولك، ثم إن لي حقا في مخاطبتك باسم صداقتي القديمة للمرحوم والدك.
Shafi da ba'a sani ba