ولهذا قال بعض الأولياء: ليس بعد النبوة منزلة أقرب إليها من الصديقية.
ولما تكلم مكي بن أبي طالب في الهداية (١) على قوله تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ﴾ [الواقعة: ١٣ - ١٤]، وذكر عن الحسن أن قوله تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ﴾ [الواقعة: ١٣]، يعني الأمم الماضية، وقوله تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ﴾ يعني أمة محمد ﵇ (٢).
قال (٣): وقيل عنى بذلك النبيين والمرسلين ومن يشبههم من الصديقين، فقال: ﴿وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ﴾ [الواقعة: ١٤]، لأن الأنبياء والمرسلين كانوا في الأولين دون الآخرين.
هكذا قال: (ومن يشبههم من الصديقين)، حاكيا عن من قال ذلك، إذ شعر بعلو مقامهم وقربهم من النبيين.
ولا شك أن الشهداء يلونهم في المرتبة كما رتبهم الله تعالى.
وقد قال سهل بن عبد الله (٤): سبق الأنبياء إلى الإيمان بالله، والصديقون والشهداء إلى الإيمان بالأنبياء.
_________
(١) الهداية لمكي بن أبي طالب (١٦٤ - نسخة العامة: ٢١٨ق).
(٢) روى قول الحسن ابن جرير (١١/ ٦٤٤) بسند فيه ابن حميد الرازي.
ورواه ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (٤/ ٢٨٥). وذكر أنه قول مجاهد كذلك.
ونحوه عن ابن جريج خرجه ابن المنذر كما في الدر المنثور (٨/ ٨). واختاره ابن جرير.
(٣) الهداية لمكي بن أبي طالب (١٦٤ - نسخة العامة: ٢١٨ق).
(٤) هو التستري أبو محمد المتوفى سنة ٢٨٣، انظر ترجمته في: الحلية (١٠/ ١٩٠)، والسير (١٣/ ٣٣٠)، وطبقات الصوفية (١٦٦).
1 / 45