قال الله تعالى: ﴿وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ﴾ [الواقعة: ٩٢].
ويقرأ: ﴿وَيَصْلَى سَعِيرًا﴾ [الانشقاق: ١٢] بالتخفيف والتشديد.
فمن قرأه بالتخفيف وضم الياء فهو من أُصلي فهو يُصلى، وهو مبني لما لم يسم فاعله.
ومن قرأه بالتخفيف وفتح الياء (١)، فهو من قولك: صَلِيَ الرجل النار فهو يصلاها، كما قال: ﴿لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى﴾ [الليل:١٥]، ومنه قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: ١٦٣].
ومن قرأ: "ويُصلَّى سعيرا" بالتشديد (٢) فهو للمبالغة، ومعناه أنه يُصلى تصلية بعد تصلية، ومرة على إثر أخرى، كما قال: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ [النساء: ٥٦]، وهذا إنما هو في الكفار، فإن أول الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا﴾ [النساء: ٥٦] وقبلها: ﴿وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا﴾ [النساء: ٥٥].
وإنما جعل (٣) سبحانه ذلك لمن صد عن الإيمان، فإنه قال: ﴿فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ﴾ [النساء: ٥٥]، ثم ذكر السعير والنار والعذاب لهؤلاء
(١) وهي قراءة عاصم وأبي عمرو وحمزة، كما في الحجة (٦/ ٣٩٠).
(٢) وهي قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر والكسائي، كما في الحجة (٦/ ٣٩٠).
(٣) ليست في (ب).