وقرأ هو حينئذ على تقي الدين الشمني (المتوفى سنة ٨٧٢ هـ)، وتقي الدين الحصني (المتوفى سنة ٨٨١ هـ) المختصر الأصولي بتمامه، والفرائض والحساب يسيرًا على شهاب الدين السِّجيني (المتوفى سنة ٨٨٥ هـ)، وحضر دروس القاضي، ونقل عنه في بعض تصانيفه. وتصدَّى قبل ذلك وبعده للإقراء والإفتاء والتأليف ببلده وغيرها، فانتفع به الطلبة، وصار في جماعته في الشام فضلا.
وممن أخذ عنه في مجاورته الثانية بمكة قاضي الحرمين محيي الدين الحسني الفاسي (١).
وقد برع وفضل في فنون من العلوم، وانتهت إليه رياسة المذهب، وباشر نيابة الحكم دهرًا طويلا، فحسنت سيرته وعظم أمره (٢).
وكان حريصًا على جمع الكتب -التي هي عدة طالب العلم والمشتغل به، يقول تلميذه ابن عبد الهادي: "وحصَّل كتبًا كثيرة، وتحت يده خزانة كتب الوقف بمدرسة شيخ الإسلام" (٣)، يعني: مدرسة الشيخ أبي عمر بالصالحية.
ويقول السخاوي: "وأعانه على تصانيفه في المذهب ما اجتمع عنده من الكتب مما لعله انفرد به ملكًا ووقفًا" (٤).
_________
(١) راجع: الضوء اللامع (٥/ ٢٢٥ - ٢٢٦)، الجوهر المنضد ص (١٠٠ - ١٠١)، المنهج الأحمد (٥/ ٢٩٠ - ٢٩٢)، شذرات الذهب (٤/ ٣٤٠ - ٣٤١)، مختصر طبقات الحنابلة للشطي ص (٧٦).
(٢) راجع: المنهج الأحمد (٥/ ٢٩٠)، شذرات الذهب (٤/ ٣٤١)، مختصر طبقات الحنابلة للشطي ص (٧٦).
(٣) الجوهر المنضد ص (١٠١).
(٤) الضوء اللامع (٥/ ٢٢٧).
1 / 29