Tahririn Afkar
تحرير الأفكار
Nau'ikan
فلا يبعد أن أنسا كان غافلا عن الجهر بالبسملة، فعندما وقع الخوض فيها في دولة بني أمية لم يستحضر أنس أنه كان يسمعها واعتقد أنه لم يكن يسمعها فأخبر على اعتقاده أنه لم يسمع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)يجهر بها. ولهذه لا يعارض قوله قول من أثبت الجهر بها لأن الإثبات يستند إلى العلم بالجهر، والنفي يستند إلى عدم العلم بالجهر واعتقاد أنه لم يقع وذلك لعدم العلم به، وهذا ظاهر في البشر وطباعهم أنهم كثيرا ما يعتقدون في بعض ما قد وقع أنه لم يقع لعدم علمهم بوقوعه. وعلى هذا بنيت قاعدة ترجيح المثبت على النافي.
مع أنه يحتمل أن من روى هذا النوع عن أنس بلفظ نفي سماع الجهر بالبسملة إنما سمع قوله: صليت خلف رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون أو يفتتحون ب ] الحمد لله رب العالمين [ فتوهم الراوي أنه عنى أنه لم يكن يسمعهم يجهرون ب ] بسم الله الرحمن الرحيم [ كما اعتقده من احتج به على ترك الجهر بالبسملة، فرواه على المعنى الذي يعتقده باللفظ الذي يدل عليه، فروى أنه قال: لم أسمع، لأن المهم في الروايات هو المعنى إذا لم تكن رواية قرآن ولا ذكر من الأذكار، وإنما المقصود المعنى فكانت الألفاظ فيه تحفظ تبعا للمعنى، ومن غلط في فهم المعنى غلط في لفظ الرواية تبعا لغلطه في فهم المعنى، ولكون المقصود هو المعنى تجد الحديث المشهور يروى بألفاظ مختلفة كثيرة وهذا واضح.
وقد تبين أن الرواية الأصلية هي النوع الأول لكثرة طرقها، لأنها تروى بخمسة عشر سندا كما مر، فهذه الروايات الثلاث محمولة عليها ومردودة إليها.
وحاصل هذه الجوابات ثلاثة أجوبة:
الأول: أن أنسا لم يقل: لم أسمع. وإنما قال: كانوا يفتتحون ب ] الحمد لله رب العالمين [.
Shafi 263