وأما لو قدر أنه يمكن سؤال جني يصدق من غير ظلم، فهذا جائز؛ كما يذكر عن أبي موسى الأشعري أنه أبطأ عليه خبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فجاء إلى امرأة لها قرين، فقالت لقرينها: أين عمر؟ فقال: تركته الآن وهو يدهن إبل الصدقة (¬1). وهذا فيه أن أبا موسى سأله سؤالا لا ظلم فيه، كما يسأل الإنسي، فأجابه جوابا أوجب طمأنينة قلبه، ولم يعاقب به أحدا. وخبر المجهول في هذا الباب حتى يستأنس به، كما لو كان لرجل غائب، فقدمت قافلة فسأل بعضهم عن غائبه، فأخبره بحياته وصحته، فإن هذا يطيب قلب السائل من غير أن يجعل مثل هذا الإخبار موجبا لعقوبة أحد ولا مطالبته. والمرأة هنا كان لها قرين، لم يكن في سؤالها صرع لها، ولا استحضار للجن ليدخلوا فيها.
ونظير هذا أن يصرع إنسان لا إعانة له على صرعه، فيسأل سائل ذلك الجني فيخبره بأمور، فهنا يكون إخبارا له بغير ظلم لأحد، وإخباره إخبار مجهول، إن اقترن به ما يدل على صدقه أو كذبه وإلا توقف عنه، فإن خبر المجهول لا يصدق ولا يكذب.
فأصل هذا: أن يعلم أن الجن أمة من الأمم، مأمورة ومنهية كالإنس، باتفاق المسلمين.
Shafi 34