واتفقوا كلهم على أن كل رقية وتعزيم أو قسم فيه شرك فإنه لا يجوز التكلم به، وإن أطاعته به الجن أو غيرهم. وكذلك كل كلام فيه كفر فإنه لا يجوز التكلم به، وإن كان فيه نوع عوض للقائل. وكذلك الكلام الذي لا يعرف معناه لا يتكلم به؛ لإمكان أن يكون فيه شرك لا يعرف. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالرقى ما لم يكن شركا» (¬1).
وشياطين الإنس والجن قد يوافقون الإنسان على بعض /186أ/ أغراضه، إذا وافقهم على ما يهوونه من الشرك والفسوق؛ مثل الذي يقسم على النصراني بصليبه وسيدته وقديسه (¬2)، وعلى الهندي بيده، وعلى مشركي العرب باللات والعزى ونحو ذلك، فإنه قد يطيعه لعظم هذا القسم عنده. ولكن لا يحل لمن يؤمن بالله ورسوله أن يقسم بذلك.
ولهذا لم يكن أحد من الصحابة، ولا التابعين، ولا سلف الأمة وأئمتها يصنعون شيئا من هذا التعزيم ونحوه. ولهذا قال الإمام أبو عبد الله ابن بطة في «إبانته» المشهورة: «ومن البدع: النظر في كتب العزائم والعمل بها، وادعاء كلام الجن واستخدامهم وقتل بعضهم». فجعل هذا من البدع؛ لأنه لم يكن في السلف من يعمل هذا، لا من الصحابة ولا التابعين ولا الأئمة؛ لأنه قد استقر في دينهم أنهم لا يتكلمون إلا بكلام يعلمون معناه وجوازه، وفي هذه الأمور من الكلام ما لا يفهم معناه.
Shafi 18