Tahkim Cuqul
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
Nau'ikan
ويقال لهم: ما تقولون في رجل ضرب إنسانا بغير جرم فقيل له في ذلك فقال ليعتبر به غيره، أليس يعد ظلما؟ فلا بد من: بلى، قلنا: فثبت ما قلنا.
فإن قيل: هلا قلتم إن الأطفال لا يألمون؟.
قلنا: فيه دفع الضرر؛ لأنه يعلم ما يصيبه وقد يبلغ فيعلم ما كان يصيبه.
فإن قيل: هلا قلتم إنه يحسن من القديم وإن لم يكن فيه عوض واعتبار -على ما تزعمه المجبرة-؟.
قلنا: باطل، لأنه يقال له: هل في إيلامه غرض أم لا؟.
فإن قال: لا جعله في حكم العابث والعقل يدفعه، وليس ذلك من فعل الحكيم، وإن قال: فيه غرض.
قلنا: ما ذلك الغرض؟
فإن قال: العقاب.
قلنا: الأطفال والأنبياء والمؤمنون لا يستحقون العقاب، وبطل أن يكون لمجرد النفع، أو دفع بما تقدم، فلم يبق إلا أنه للاعتبار والعوض على ما قدمنا.
ويقال لهم: أليس تقرر في عقل كل عاقل أن الألم إذا عرى عن نفع ودفع واستحقاق أنه يقبح، وإذا عدمت هذه الوجوه يحسن؟.
فإن قالوا: لا كابروا العقول، وإن قالوا: نعم.
قلنا: فإذا قبح من هذا الوجه فمن أي فاعل حصل وجب أن يقبح، وإن قال: لا يقبح منه؛ لأنه مالك أو ليس عليه نهي لزمه سائر ما ألزمناهم في أول الباب من جواز الكذب وبعثه الكذابين، وبعثه الرسل للدعاء إلى عبادة الأوثان، وتعذيب المؤمنين وإثابة الفراعنة.
فإن قيل: فعلى من يجب العوض؟.
قلنا: كل ما كان بأمره تعالى كالضحايا ونحوها وإباحته كالذبائح فعليه تعالى، وما كان فعل العباد أو بتعريضهم لذلك، وإن كان من فعل الله تعالى فهو على العبد فالأول كالقتل والضرب، والثاني كما لو ألقاه في النار أو الماء.
فإن قيل: لو لم يكن لهذا الظالم عوض؟.
Shafi 158