Tahkim Cuqul
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
Nau'ikan
مسألة في التكليف وجزاء الأعمال وتكليف من يعلم أنه يكفر
الذي نقوله في ذلك: إن الله تعالى خلق المكلفين كلهم مؤمنهم وكافرهم تعريضا للثواب الذي لا ينال إلا مستحقا، وسبب الاستحقاق العبادة، وأنه إذا كلف أعطى الآلة والقدرة واللطف وأزاح العلة، فمن آمن استحق الثواب ومن كفر فمن قبل نفسه أتي على ما قال تعالى: ?وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون?[الذاريات:56]، ثم قال: ?من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها?[الإسراء:15].
وذكرت المجبرة:أنه خلق بعضهم للنار، وأن الجزاء ليس على الأعمال ولكن من يشاء أن يثيب أثابه ومن يشاء عاقبه إلا أنه أحرى بأنه يثيب المؤمن ويعاقب الكافر.
فيقال لهم: هل لله تعالى في خلق المكلفين غرض وإرادة؟ فإن قالوا: لا، قلنا: فالحكيم لا يجوز أن يفعل إلا لغرض، وهل هذا إلا سوء الثناء عليه؛ لأنه إنما يفعل لا لغرض الصبيان والمجانين فأما الحكيم العالم بفعله فلا يفعله إلا لغرض.
وبعد فإن العالم بفعله المختار له لا يفعله إلا لداعي، والدواعي إما داعي الحسن أو داعي الحاجة، لا يجوز عليه داعي الحاجة، وداعي الحسن إنما يصح بأن يفعل إحسانا إلى الغير.
فإن قالوا: إن فيه غرضا.
قلنا: ما ذلك الغرض؟.
فإن قالوا: الغرض من المؤمنين أن يؤمنوا ليدخلهم الجنة، ومن الكفار أن يكفروا ليدخلهم النار، كقوله تعالى: ?ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس?[الأعراف:179].
قلنا: فإذا خلقهم لذلك من غير جرم منهم أليس يقبح؟.
فإن قالوا: لا يقبح ولو قبح في الشاهد مثل ذلك لزمهم ما ألزمناهم من قبل إن قالوا: يقبح ويفعل .
Shafi 152