قلت وبالله التوفيق: وإنما قال ذلك؛ لأنه قد تيقن الخطأ في كثير من الفتاوى، فيجب أن يقرر ما طابق الكتاب والسنة من نحو ما تقدم، وما طابق إجماع العترة " كما يأتي تحقيقه إن شاء الله، ويرفض ما خالف ذلك؛ لأنه مما قد رجع عنه في الجملة.
فإن قيل: والذي ذكرت قد رجع عنه في الجملة أيضا.
قلت وبالله التوفيق: لانسلم؛ لأن حكاية إجماع أهل البيت " كما يأتي إن شاء الله قد تضمنت إثباته.
وفي باب الظهار من (الشفاء) ما لفظه: (وعن السيد أبي طالب أيضا أنه قال: يجب أن تكون الرقبة مؤمنة بالغة أو غير بالغة، وذكر في الاحتجاج أن المعلوم من دين المسلمين أنه لا قربة في الهدنة إلى من يقطع الطريق، ويحارب المسلمين أو يتعاطى شرب الخمر وضرب المعازف والطنابير، والعلة في جميع ذلك: أنه إحسان إلى من يغلب على الظن أنه يستعين به على الفسق أو على الكفر.
فقال عليه السلام: لا قربة في الهدنة إلى من ذكر، وإذا انتفت القربة بقي الجواز والتحريم، لا يصح أن تكون الهدنة جائزة؛ لأن تعليله عليه السلام صريح في أنه يستعان بها على الفسق أو الكفر، ومن المعلوم من دين المسلمين أن إعطاء المال إلى من يحرقه أو يرمي به في البحر تبذير، والتبذير محرم إجماعا، ومستنده قوله تعالى: {ولا تبذر تبذيرا...} الآية، وإذا كان ذلك محرما فبالأولى أن يكون هذا محرما؛ لأن تضييع المال أهون من إنفاقه في المعاصي، وذلك لا يخفى على ذوي البصائر.
قلت وبالله التوفيق: وكلام أبي طالب يشعر بالإجماع، حيث قال: إن المعلوم من دين المسلمين... إلى آخره.
Shafi 343