أهمية الكتاب وقيمته العلمية
يكفي الكتاب أهمية أنه شرح لأحاديث خير البريّة محمد بن عبد الله ﷺ، وأن الذي قام بشرحها عالم محقِّق متبحِّر في العلوم والفنون. ولمّا كان «مختصر المنذري» تبعًا لأصل «السنن» مشتملًا على أبواب متفرقة من العلم من فقه وعقيدة وسلوك مع الكلام على الأحاديث الدالة عليها تصحيحًا وتعليلًا، فقد كان كتابنا مشتملًا على ذلك كله وإن برز في جانب الفقه والحديث باعتبار الكتاب أصلًا فيهما. ويمكن إبراز بعض جوانب قيمته العلمية في النقاط التالية:
- ما احتواه من ذكر علل الأحاديث والكلام عليها تصحيحًا وتضعيفًا. وفيه مواضع جليلة في الانتصار لطريقة أئمة الحديث في النقد والتعليل والتصحيح مع التنبيه على خطأ طريقة الفقهاء المتأخرين في عدم التفاتهم إلى العلل، كقوله في باب القضاء باليمين مع الشاهد (٢/ ٥٦٨): «والصواب في ذلك طريقة أئمة هذا الشأن العالمين به وبعلله، وهو النظر والتمهُّر في العلل، والنظر في الواقفين والرافعين والمرسلين والواصلين: أيّهم أكثر وأوثق وأخص بالشيخ وأعرف بحديثه، إلى غير ذلك من الأمور التي يجزمون معها بالعلة المؤثرة في موضع، وبانتفائها في موضع».
- تحرير المسائل المختلف فيها بين الفقهاء وذكر مآخذهم ومناقشة أدلّتهم، وقد نبه المؤلف نفسه إلى ذلك حيث قال في ختام بعض تلك البحوث (٢/ ٤٣٧): «فهذه نُكَت في هذه المسألة المُعْضِلة، لا تكاد توجد مجموعةً في كتاب».
المقدمة / 23