وَمن هَذِه الطَّبَقَة: أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن سعيد: أَخُو يحيى بن سعيدٍ الأمويّ الَّذِي يروي عَنهُ أَبُو عبيدٍ، وَكَانَ جَالس أعرابًا من بني الْحَارِث بن كَعْب، وسألهم عَن النَّوَادِر والغريب، وَكَانَ مَعَ ذَلِك حَافِظًا للْأَخْبَار وَالشعر وَأَيَّام الْعَرَب.
وَمن هَذِه الطَّبَقَة: النَّضر بن شُميل الْمَازِني: سكن الْبَصْرَة وَأقَام بهَا دهرًا طَويلا، وَسمع الحَدِيث وجالس الخليلَ بن أَحْمد، وَأَبا خَيرة الأعرابيَّ، وَأَبا الدُّقيش، واستكثر عَنْهُم.
وَمِنْهُم: أَبُو الْحسن سعيد بن مسْعدَة الْمَعْرُوف بالأخفش: وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ النَّحْو ومقاييسه، وَلم يكن حَافِظًا للغريب وَلَا مُلحقًا بطبقته الَّتِي ألحقناه بهَا فِي معرفَة الشّعْر والغريب.
وَمِنْهُم: أَبُو مَالك عَمْرو بنِ كِرْكِرَة: وَكَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ النَّوَادِر والغريب.
فَأَما أَبُو زيد سعيد بن أَوْس الأنصاريّ: فَإِنَّهُ سمع من أبي عَمْرو بن الْعَلَاء الْقرَاءَات وجَمعها، وَرَوَاهَا عَنهُ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ وَغَيره، وَهُوَ كثير الرِّوَايَة عَن الأَعراب، وَقَرَأَ دواوين الشُّعَرَاء على الْمفضل بن مُحَمَّد الضبيّ، وجالس أَبَا الدُّقيش الأعرابيّ، ويونسَ النحويّ وَأَبا خيرةَ العدويّ. وَالْغَالِب عَلَيْهِ النَّوَادِر والغريب؛ وَله فضلُ معرفةٍ بمقاييس النَّحْو، وَعلم الْقُرْآن وَإِعْرَابه. روى عَنهُ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سلاَّم ووثّقه. وروى عَنهُ أَبُو حَاتِم السِّجزي وقدّمه واعتد بروايته عَنهُ. وروى عَنهُ أَبُو عبد الرَّحْمَن عبد الله بن مُحَمَّد بن هَانِيء النيسابوريُّ النوادرَ وَالشعر، وَرُبمَا جمع بَينه وَبَين أبي مَالك عَمْرو بن كِرْكِرة فِيمَا يرْوى عَنْهُمَا من الْأَمْثَال والغريب والألفاظ.
وَلأبي زيد من الْكتب الْمُؤَلّفَة كتاب (النَّوَادِر الْكَبِير)، وَهُوَ كتابٌ جامعٌ للغرائب الْكَثِيرَة والألفاظ النادرة والأمثال السائرة والفوائد الجمَّة. وَله (كتابٌ فِي النَّحْو) كَبِير، وَله (كتابٌ فِي الْهَمْز)، وكتابٌ فِي (مَعَاني الْقُرْآن)، وكتابٌ فِي (الصِّفَات.
وروى أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى عَن أبي نجْدة عَن أبي زيد الْأنْصَارِيّ، أَخْبرنِي بذلك الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس. وروَى أَيْضا عَن أبي إِسْحَاق الحرْبي عَن أبي عدنان عَنهُ. وروى أَبُو عمر الورّاق عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن نجدة عَن أبي زيد شَيْئا كثيرا.
وحدّثني الْمُنْذِرِيّ عَن أبي بكر الطلحي قَالَ: حدّثني عسْل بن ذَكوان الْبَصْرِيّ عَن رُفيع بن سَلمَة عَن أبي زيد أَنه قَالَ: دخلتُ على أبي الدُّقيش الأعرابيّ وَهُوَ مريضٌ فَقلت: كَيفَ تجدُك يَا أَبَا الدُّقيش؟ فَقَالَ: أجد مَا لَا أشتهي، وأشتهي مَا لَا أجد، وَأَنا فِي زمَان سوءٍ، زمَان من وجد لم يجُد، وَمن جاد لم يَجدْ.
1 / 12